أحدثت التكنولوجيا الحديثة تحولًا كبيرًا في مجالات العلوم الحياتية، وخصوصًا في مجال تعديل الجينات واستنساخ الأنواع المنقرضة، وبفضل التقدم في تقنيات الهندسة الوراثية والأبحاث الجينية، بات من الممكن أن نفكر بشكل جدي في إعادة بعض الكائنات المنقرضة إلى الحياة واستغلال تقنيات التعديل الجيني لتحسين الحياة على كوكب الأرض.
تعديل الجينات هو عملية تغيير الحمض النووي للكائن الحي بهدف إضافة أو إزالة خصائص معينة، وقد تطورت هذه العملية بفضل أدوات مثل تقنية "كريسبر"، التي تتيح للعلماء إدخال تعديلات دقيقة في الجينات، أما الاستنساخ فهو عملية إنشاء كائن جديد مطابق وراثيًا لكائن آخر، وهي عملية معقدة تتطلب نسخ الحمض النووي من بقايا الكائن المنقرض ودمجها مع خلية بيضية من كائن حي قريب من هذا الكائن من حيث النوع.
كيف تساعد التكنولوجيا في استعادة الأنواع المنقرضة؟
تعتمد استعادة الأنواع المنقرضة، مثل: الماموث الصوفي ونمر تسمانيا، على تحليل عينات الحمض النووي المستخرجة من بقايا هذه الكائنات، مثل: العظام أو الأنسجة المجمدة، ثم محاولة تكوين تسلسل جيني مكتمل يمكن نقله إلى خلايا حية، بفضل تقنيات الهندسة الوراثية المتقدمة، أصبح من الممكن نسخ الحمض النووي وإعادة إنتاج كائنات ذات صفات مماثلة للكائنات المنقرضة ويجري هذا العمل في بعض المعامل حول العالم التي تسعى لإعادة إحياء كائنات ربما تساهم في استعادة توازن البيئة.
يعد هدف إعادة الأنواع المنقرضة إلى الحياة جزءًا من جهود الحفاظ على التنوع البيولوجي الذي فقد بفعل الأنشطة البشرية والتغيرات المناخية فعلى سبيل المثال، يُعتقد أن إعادة الماموث قد يساعد في استعادة النظام البيئي للتندرا السيبيرية، حيث يمكن للماموث التأثير في تنوع النباتات والنظام البيئي كما كان الحال في الماضي كما يمكن أن تساهم تقنيات تعديل الجينات في حماية الأنواع المهددة بالانقراض من خلال منحها مقاومة أكبر ضد الأمراض أو تكيفًا أفضل مع تغير المناخ.
رغم الفوائد المحتملة، فإن هناك تحديات كبيرة تتعلق بالتقنيات المعتمدة في استنساخ الكائنات وتعديل الجينات فإعادة نوع منقرض إلى الحياة قد يؤثر على الأنظمة البيئية القائمة ويخلق اختلالات في التوازن الطبيعي، خاصة إذا لم تكن هذه الكائنات متكيفة بشكل جيد مع البيئة الحالية كما أن التلاعب بالجينات يتطلب دقة عالية لتجنب حدوث طفرات غير مرغوبة، مما يثير تساؤلات أخلاقية حول إمكانية أن تؤدي هذه التقنيات إلى مشكلات بيئية وصحية.
يبشر تقدم تقنيات تعديل الجينات واستنساخ الأنواع بمستقبل مثير للجدل في العلوم البيئية، حيث قد يصبح من الممكن حماية الأنواع من الانقراض بل وإعادة ما انقرض منها، وبينما يسعى العلماء لتحقيق هذا الهدف، تظل الحاجة إلى دراسات وتقييمات مستمرة للتأكد من سلامة وفعالية هذه التقنيات ومنع تأثيراتها السلبية على البيئة.