في عصر تتداخل فيه الحياة الواقعية بالعالم الرقمي بشكل غير مسبوق باتت (الهوية الرقمية) قضية محورية تؤثر على الأفراد والمجتمعات، حيث
لم تعد محصورة في الإسم والبطاقة الشخصية بل أصبحت تشمل كل ما نفعله ونقوله وننشره على الإنترنت من صورنا تفاعلاتنا أفكارنا وحتى بياناتنا المخزنة على المنصات والخدمات الإلكترونية.
وفي الأردن كما في باقي دول العالم، يستخدم الشباب بشكل واسع وسائل التواصل الإجتماعي والتطبيقات الذكية، ما يجعلهم الأكثر عرضة لتحديات تتعلق بالهوية الرقمية، من أبرز هذه التحديات الخصوصية الرقمية إذ قد يتم استخدام الصور أو المعلومات الشخصية دون إذن، مما يعرّض المستخدمين للاستغلال أو التنمر الإلكتروني.
كذلك، تعاني الهوية الرقمية من مشكلة (الزيف) حيث يمكن لأي شخص أن يصنع هوية غير حقيقية، أو أن يُظهر نفسه بشكل مختلف تمامًا عن واقعه، مما يؤثر على الثقة بين الأفراد ويزيد من ظواهر مثل الإحتيال الرقمي أو التلاعب العاطفي.
ولا تقل خطورة الوصمة الرقمية، وهي تلك الآثار التي تتركها منشورات أو تعليقات قديمة على حياة الأفراد المهنية أو الإجتماعية خصوصًا عند التقديم للوظائف أو المنح الدراسية ففي العصر الرقمي، الإنترنت لا ينسى وأي أثر رقمي يمكن أن يعيد تشكيل صورتك أمام الآخرين.
أما التحدي الأكبر فهو في فهم الشباب لهويتهم الرقمية وقدرتهم على إدارتها بوعي ومسؤولية، دون الانسياق وراء الضغط الإجتماعي أو الشهرة الزائفة وهنا يبرز دور الأسرة والمدرسة والمجتمع في توعية الشباب بكيفية حماية بياناتهم والتصرف بحذر في الفضاء الإلكتروني.
الهوية الرقمية لم تعد خيارًا، بل واقعًا يوميًا نعيشه والسؤال الحقيقي هل نملك هوية رقمية؟ بل: هل نتحكم بها؟ أم تتحكم بنا؟