تنتشر ظاهرة التدخين بين الأطفال بشكل واسع النطاق في المجتمع الأردني، بنسب مقلقة كشفها تقرير البنك الدولي حول التدخين في الأردن، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر لمواجهة مؤشرات هذا الخطر.
أثار تقرير البنك الدولي الذي نشر مؤخرًا، تساؤلات عدة من قبل المختصين والخبراء والمواطنين، والذي كشف بأن المملكة قد سجلت المركز الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معدلات التدخين.
ففي الوقت الذي أظهرت فيه نتائج التقرير بأن تسجيل الأردن لأعلى معدلات التدخين في العالم هو أمر مثير للقلق، تساءل مختصون وأطباء حول ما الذي يمنع الجهات المعنية من تفعيل وتطبيق قانون الصحة العامة، أو القيام بحملة مضادة ضد جائحة التبغ التي باتت تغزو المجتمع الأردني.
وأشار التقرير إلى أن الأردن سجل «أعلى» معدلات التدخين في العالم، حيث إن 24 من الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 13-15 عاما هم من المدخنين الحاليين في الأردن، وهو أمر «مثير للقلق»، كما أن أكثر من 6 من كل 10 رجال و(41 من إجمالي السكان البالغين) يعاودون التدخين، في حين سجلت المملكة المركز الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معدلات التدخين.
ولفت التقرير إلى ارتباط تعاطي التبغ والتدخين بحالة وفاة واحدة تقريبًا من كل ثماني وفيات في الأردن، وأن التدخين يكلف الأردن ما يقدر بقرابة مليارين وستمئة وسبعين مليون دولار في صورة نفقات للرعاية الصحية ومقابل فقدان الإنتاجية
من جهته، أكد أخصائي الأمراض الصدرية والتنفسية والحساسية الدكتور محمد حسن الطراونة أن حوالي مليون شخص يتوفون سنويًا حول العالم بسبب التدخين السلبي، مشيرًا إلى أن منظمة الصحة العالمية سعت إلى حماية هذه الفئة من المدخنين، ووضعت اتفاقية إطارية فيها مجموعة من البنود، لكن 4 دول فقط هي التي تبنت كافة البنود.
وبين الطراونة أن الأردن تعتمد مجموعة من القوانين لمكافحة التدخين، لكنها غير مطبقة أو مفعلة على أرض الواقع، فهناك قانون يمنع الترويج لمشتقات التبغ على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وقانون يمنع التدخين داخل المنشآت العامة وداخل وسائل المواصلات، كما يوجد قانون يمنع بيع السجائر للأشخاص دون سن 18 عامًا.
ويعزو سبب عدم وجود تطبيق فعلي لهذه القوانين لسلوك الأفراد؛ فالموظفون في الدوائر الحكومية يدخنون بشكل كبير، وهناك أطباء ومراجعون ومرافقون يدخنون حتى في المستشفيات والمراكز الصحية، بالإضافة إلى أن إعلانات الأرجيلة والسجائر الإلكترونية تغزو مواقع التواصل والمجمعات التجارية، كما أن أعقاب السجائر تملأ المتنزهات، والسجائر تباع للمراهقين، فالرقابة تكاد تكون معدومة.
ويرى الطراونة أن لا ذنب لغير المدخنين والأطفال، حتى يتجرعوا روائح التدخين، خاصة أن معالجة الأمراض الناتجة عن التدخين مكلفة جدًا، إذ إنها من أكثر أسباب أمراض سرطانات الرئة والجهاز الهضمي والتنفسي، بالإضافة إلى أن التدخين يعمل على الانسداد الرئوي المزمن والربو القصبي، ومشاكل بالجهاز التنفسي، وبالتالي ناتج علاجاتها مكلفة للغاية، وتثقل الاقتصاد الصحي الأردني.