عندما يلامس إسم جزيرة سقطرى أسماعنا، لا يمكننا إلا أن نتخيل لوحة فنية أبدعتها الطبيعة بفرشاتها الخاصة، إنها ليست مجرد جزيرة، بل هي قطعة من الفردوس استقرت بهدوء في قلب المحيط الهندي، كجوهرة نادرة سقطت من تاج الزمن.
تقف سقطرى على مسافة من سواحل اليمن، وتُعد من أغرب الجزر على وجه الأرض، حتى أن وصفها يضاهي متحفاً حياً يختزن أسرار التطور، فأكثر من ثلث نباتاتها فريدة من نوعها، لا وجود لها في أي بقعة أخرى، ولعل أبرزها هي شجرة دم الأخوين، التي تنتصب شامخةً كأنها مظلة من عصور ما قبل التاريخ، بتفرعاتها التي تبدو وكأنها شريان حياة يروي حكاية من كوكب آخر.
شواطئ الجزيرة ليست مجرد رمال ومياه، بل هي انعكاس للسماء، حيث تلتقي زرقة البحر بصفاء الأفق في مرآة طبيعية ساحرة.
رمالها ناعمة كالحرير، تهمس للزائرين بحكايات الموج، ومياهها الصافية تدعو للتأمل في عمق الجمال، أما جبالها الشامخة وكهوفها الغامضة، فتشبه حراساً صامتين يختزنون في طياتهم تاريخاً طويلاً وأسراراً لا تُعد.
الحياة هنا تنساب على إيقاع الطبيعة الهادئ، بعيداً عن ضجيج الحضارة، سكانها يعيشون في تناغم مع الأرض، وكأنهم أبناء مخلصون يتنفسون من روحها النقية، هذا الهدوء والعزلة جعل من سقطرى كنزاً محفوظاً في صندوق أزرق، ينتظر من يكتشفه ويقدّر قيمته الحقيقية.
ولهذا السبب، لم يكن غريباً أن تُدرج اليونسكو هذه الجزيرة ضمن قائمة التراث العالمي، فسقطرى ليست مجرد قطعة يابسة، بل هي قصيدة شعرية كتبتها الطبيعة، وجعلت من أشكالها وألوانها أجمل الأبيات.