يُعد نجم سهيل واحداً من ألمع النجوم التي عرفها العرب منذ القدم، بل إن ظهوره كان وما يزال حدثاً فلكياً واجتماعياً ينتظره الناس كل عام في أواخر آب وبداية أيلول، حيث يرتبط اسمه بالتحولات المناخية وانتقال الفصول.
ويُلقب سهيل بـ"بشير الخريف"، لأن طلوعه فجراً في الجهة الجنوبية من السماء يُبشّر بانكسار حرّ الصيف اللاهب، واقتراب اعتدال الأجواء ونزول الأمطار.
وقد أولاه العرب مكانة خاصة، إذ اعتمدوا عليه في ضبط مواسم الزراعة والرعي والتنقل، كما استعان به المسافرون في الصحاري لتحديد اتجاهاتهم، فهو دليل لا يخطئ في السماء.
ويُصنف نجم سهيل كأحد ألمع النجوم بعد الشعرى اليمانية، ويقع على بُعد مئات السنين الضوئية من الأرض، لكنه ظل قريباً من وجدان الناس عبر قصائد الشعر والأمثال الشعبية التي ربطته بالخصب والفرج بعد الشدة واليوم، ورغم تطور أدوات الرصد الحديثة، ما يزال نجم سهيل محافظاً على رمزيته ومكانته، إذ يجمع بين العلم والتراث، وبين الدقة الفلكية والحضور الثقافي ليبقى علامة مضيئة في السماء وذاكرة الشعوب.
لم يكن ظهور نجم سهيل مجرد حدث فلكي، بل ارتبط بحياة الناس اليومية, فقد كان المزارعون ينتظرون طلوعه ليبدؤوا بزراعة محاصيل الخريف كالقمح والشعير، بينما اعتبره البدو دليلاً على موسم الأمطار الذي يجدد المراعي ويعيد للحياة بهجتها في الصحراء وحتى الصيادون في السواحل العربية كانوا يترقبون نجم سهيل لمعرفة التغيرات في الرياح والتيارات البحرية.
لا يزال ظهوره مناسبة يتداولها الناس في المجالس، فيتناقلون الأخبار عن موعد ظهوره ويستبشرون به كعلامة على اعتدال الطقس واقتراب موسم المطر, وهذا الارتباط العاطفي بالنجم يعكس مكانته في الذاكرة الجمعية للعرب، الذين لم ينظروا إليه كجسم سماوي فحسب، بل كرفيق حياة ودليل سفر ومرجع للزمن.