هل تخيلت يومًا بأن يديك أصبحت مطاطية وقابلة للتمدد؟ لا تستغرب من
هذا الكلام إنه حقيقي وليس قصة خيالية، في الواقع إنها متلازمة (إهلرز- دانلوس). ولكن
ما هي هذه المتلازمة؟ وما هي أعراضها؟
متلازمة (إهلرز- دانلوس): هي مجموعة من الاضطرابات المتوارثة التي تؤثر
على أنسجة الإنسان الضامة، والنسيج الضام: هو بمثابة "الإسمنت" الذي يربط
أعضاء الجسم ويحافظ على قوتها واستقرارها، خاصة الجلد والمفاصل، والأوتار، والأربطة، وجدران الأوعية الدموية.
وتختلف أعراض متلازمة (إهلرز- دانلوس) من حالة إلى أخرى ومن شخص إلى آخر،
ومن الأعراض الشائعة لغالبية الحالات: مرونة في المفاصل، هشاشة الجلد وكدمات
متعددة، ومشاكل في القلب والأوعية الدموية.
وتوجد أنواع متعددة من هذه المتلازمة ومنها: النوع الكلاسيكي: الذي يتميز
بمرونة الجلد وهشاشته المفرطة؛ حيث يكون الجلد رقيقًا وسهل التمزق، والنوع الثاني
هو مفرط الحركة: إذ يتميز بالمرونة المفرطة للمفاصل؛ مما يؤدي إلى خلوع متكررة، وهذا
النوع الأكثر شيوعًا، أما النوع الثالث فهو النوع الوعائي: ويعد من أكثر الأنواع خطرًا؛
لأنه يؤثر على الأوعية الدموية والأعضاء الداخلية؛ مما يزيد من خطر تمزقها أو
نزيفها.
ويعود سبب متلازمة (إهلرز- دانلوس)؛ إلى طفرات جينية تؤثر في بروتينات
معينة، حيث تلعب البروتينات دورًا هامًا في تكوين النسيج الضام، ويتم توريث هذه
الطفرات عبر الجينات، وتكون قد ورثتها بشكل سائد أو متنح حسب النوع.
لكن كيف يتم تشخيص هذه المتلازمة؟ يتم ذلك عن طريق تقييم مرونة الجلد
والمفاصل، مع فحوصات خاصة مثل اختبارات الجينات، أو التصوير بالأشعة لتقييم
المشاكل المتعلقة بالمفاصل أو الأوعية الدموية. وتظهر الدراسات أن متلازمة (إهلرز- دانلوس) "خاصةً النوع المفرط الحركة"
أكثر شيوعًا بين النساء مقارنةً بالرجال. ويقدّر أن نسبة الإصابة بين النساء قد تكون
حوالي ضعف النسبة لدى الرجال، على الرغم من أن الأسباب ليست مفهومة بشكل كامل.
ويُعتقد أن هناك عدة عوامل تساهم في هذا الفارق بين الجنسين، مثل
تأثير الهرمونات على النسيج الضام، إذ قد تؤدي بعض الهرمونات الأنثوية (كالأستروجين)
إلى زيادة مرونة الأنسجة، مما قد يفاقم الأعراض لدى النساء. ويمكن للمرض أن
يتفاقم؛ بسبب عدة عوامل ومنها: التقدم بالسن، الإجهاد البدني والتمارين الشديدة، والإصابات
المتكررة. سميت المتلازمة (إهلرز- دانلوس) بهذا الاسم؛ نسبة إلى الطبيبان اللذان
شخصوا أول حالة في أوائل القرن العشرين وهم: إدوارد إهلزر، وهنري دانلوس، وتمت
التسمية تكريمًا لجهودهم.
في الحقيقة لا يوجد علاج شافٍ تمامًا لمتلازمة (إهلرز- دانلوس)؛ لأنها
حالة وراثية؛ ولكن يوجد مجموعة من التدخلات التي تساهم في تخفيف الأعراض وتحسين
جودة حياة المريض ونفسيته مثل: العلاج الطبيعي، الأدوية لتخفيف الآلام، التغذية
والمكملات الغذائية، والعمليات الجراحية.
لكن هل سيتمكّن الباحثون من إيجاد
العلاج النهائي والشامل لمتلازمة (إهلرز- دانلوس)؛ بفضل التطور التكنولوجيّ في
العصر الحديث؟