كأن دوامة الخلاف بيني وبين أهلي لا نهاية لها.
مرة أقول: لا يهم، هم أكثر وعيًا مني، وهم يريدون مصلحتي.. حسب ما يفكرون ويعتقدون، لكني أعود وأفكر في ذاتي، في خياراتي، وفي رغباتي، وفي ميولي وفي قدراتي، وفي النهاية في مستقبلي.
هاهي المدارس توشك أن تنهي الفصل الدراسي الأول، أدعو الله أن يوفق الطلاب والطالبات وأن يحققوا أعلى النتائج.
منذ أيام عاد أبي وأمي يسألانني عن مجال دراستي الجامعية لأنني أصبحت طالبًا في مرحلة الثانوية العامة، وعلي أن أعرف ماذا أريد أن أتخصص في الجامعة.
أنا أريد أن أتخصص في الجامعة، ومن خلال الحوارات الليلية التي جرت في الأيام الماضية اتضح أننا لسنا على وفاق.
أنا أريد أن أدرس علوم الطيران لأصبح طيارًا لأنني أحب هذه المهنة وأعشق السياحة في الفضاء منذ أن كنت طفلًا في المرحلة الابتدائية، وهم يريدون لي أن أدرس الهندسة المدنية لأبني عمارات وقصورًا وجسورًا وشوارعًا، وأنا لا أحب هذه المهنه ولا تستهويني بأي شكل من الأشكال.
أمي تعارض مهنة الطيران خوفًا عليّ لأن الطائرات مهدده بأخطار كثيرة، حروب وأعطال وأسفار كثيرة وغربة دائمة وتقول لي: يا أمي والله إنني لا أتحمل فراقك لفترات طويلة بعيدًا عن عيني.
فأقول لها يا أمي أطال الله في عمرك الطيار يغيب يومًا أو يومين ثم يعود ليرتاح، وبعد ذلك يعود للعمل في رحلة جديدة وهكذا...وأنا أيضًا لا أقوى على فراقكم، وستجدونني إن شاء الله أدق بابك كل يوم أو يومين، واقبّل يديك وأطلب دعواتك ودعوات أبي.
ثم ينطلق أبي بصوت عالٍ مخيف: وماذا عن الخطر يا سيد؟ ماذا عن الحوادث؟ ماذا عن الحروب؟ ألم تسمع عن أولئك الذين ماتوا في الحروب؟
فأقول له مهلًا يا أبي:أنت رجل مؤمن، والأعمار بيد الله و يدركن الموت ولو كنا في بروج مشيدة، أنظر إلى عدد وفيات حوادث السير وانهيارات المباني والأمراض وغيرها ستجد أن اقلها وفيات الطيران.
أما الذين يموتون في الحروب فهؤلاء شهداء يموتون دفاعًا عن أوطانهم وشعوبهم، وفي الأردن طيارون شهداء قدموا أرواحهم فداء للوطن.
سينتهي هذا العام بإذن الله وسأختار التخصص الذي حلمت به سنوات وسنوات وأرجو من الله أن يوفقني في دراسة الطيران الذي كان دائمًا حلمي ورغبتي وعشقي منذ الطفولة.
سأبذل كل ما أستطيع لأتفوق في مجال الطيران، وكل ما اطلبه منكم أن لا تبخلوا علي بدعائكم وتمنياتكم لي بالخير والسلامة.
دعوني أقبل أياديكم الطاهرة اعتزازًا بموافقتكما و مباركتكما...وما التوفيق الاّ من عند الله.