في تاريخ الأوطان، تظهر شخصيات تترك بصمة لا تمحى، ليس فقط في سجلات السياسة، بل في وجدان الشعوب وضمير الأمة، ومن بين تلك الشخصيات الخالدة، يبرز اسم الشهيد وصفي التل، رجل الدولة الذي أحب الأردن حتى الشهادة، وكان عنوانًا للكرامة الوطنية والإخلاص الصادق في خدمة الوطن.

وصفي التل، اسم لا يُذكر في تاريخ الأردن إلا مقرونًا بالوطنية والولاء، وُلد عام 1919 في بيتٍ غرس في أبنائه حب الأرض والدفاع عنها، ونشأ على قيم النضال والوفاء لتراب الوطن.

تقلد منصب رئيس الوزراء أكثر من مرة، وتميز بنزاهته وحرصه الكبير على مصالح الأردن وأبنائه، لم يكن رجل سياسة فحسب، بل كان قائدًا يؤمن بأن قوة الوطن تبدأ من الداخل، من وحدته ومؤسساته، ومن إيمانه بذاته.

اشتهر بمواقفه الصلبة في رفض التدخلات الخارجية، وكان يرى أن استقلال القرار الأردني هو حجر الأساس في حماية السيادة وبناء الدولة، وارتبط اسمه دائمًا بالفلاحين والجنود، إذ آمن أن الزراعة والتعليم هما ركيزتا التنمية والنهوض بالمجتمع.

في عام 1971، اغتيل وصفي التل أثناء مشاركته في إجتماع عربي بالقاهرة، في حادثة مؤلمة هزّت الأردن من شماله إلى جنوبه، وخلّفت حزنًا عميقًا في قلوب الأردنيين، لكن رغم الرحيل، بقيت سيرته حيّة، تروى بكل فخر، وتُذكر كنموذج للقيادة الصادقة.

وصفي التل لم يكن مجرد رئيس وزراء، بل كان رمزًا لعهد من الكرامة والشجاعة والقرارات المصيرية واليوم، لا يزال الأردنيون يستذكرونه بإجلال، ويتمنون لو أن الزمن أهدى الوطن المزيد من القادة على شاكلته.