في كل مدينة مشهورة سياحيًا تجد معالم بارزة يعرفها الجميع: قلعة أو شارع تاريخي أو متحف أو موقع أثري لكن المفارقة أن الكثير من السكان المحليين يمرّون بهذه الأماكن يوميًا دون أن يعرفوا القصص الحقيقية التي تحتضنها أو الزوايا الخفية التي لا يراها السائح العابر.
خذ على سبيل المثال وسط البلد في عمّان الجميع يعرف شارع الرينبو والمدرّج الروماني وشارع الملك فيصل لكن قلّة فقط هم من سمعوا عن الممرّات الضيّقة خلف شارع السعادة أو عن بيت الشعر المهجور فوق درج الكلحة أو حتى عن الأسرار المعمارية في أبنية الأربعينيات هنا تتلاقى الحكايات القديمة مع الحياة الحديثة في مشهد لا يكتشفه إلّا من يمشي ببطء ويصغي جيّدًا.
وفي القدس مثلًا لا تُختصر التجربة بالسور والمسجد الأقصى بل توجد حارات وأسواق داخل البلدة القديمة تعجّ بروايات الأديان والتاريخ والتعايش لا يعرفها حتى بعض أبناء المدينة كذلك في القاهرة فخلف شهرة الأهرامات تقبع مقابر الفاطميّين وأحياء إسلامية قديمة تحمل ملامح لا تُروى في أدلّة السفر.
الوجه الآخر للسياحة لا يحتاج إلى تذكرة طيران بل إلى فضول محلي أن تخرج يومًا وتتجوّل في منطقتك كأنّك زائر لأوّل مرة تدخل المكتبة القديمة التي تمرّ بها يوميًا تسأل البائع العجوز عن تاريخ دكّانه أو تلتقط صورًا للزخارف المنسيّة على جدران بيت تراثي قديم.
في الحقيقة لا تُقاس قيمة الأماكن السياحية بمدى شهرتها بل بمدى قدرتنا على إعادة اكتشافها بعيون مختلفة فربما يحمل الحي الذي نشأت فيه قصة أعمق من كل ما شاهدته في رحلاتك ولعلّ أجمل السياحة هي تلك التي تبدأ من عتبة بيتك وتُعلّمك أن ما حولك يستحق التأمّل والدهشة.