تعود مجموعة من الأماكن السياحية إلى أصول إسلامية تعكس رونق وجمال الحضارة الإسلامية في مختلف المجالات ومن أهمها المجال السياحي والعمراني.
ويعكس الفن الإسلامي أربعة عشر قرناً من التحولات في المشهد السياسي والثقافي في ثلاثِ قارات فهي تمتد من المغرب إلى مصر، عبورًا من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والهند إلى حدود الصين.
ومن روائع الفن الإسلامي ترصيع المعادن؛ فقد امتاز فن المعادن الإسلامي رغم اختلاف العصور والمناطق الإسلامية المتعددة والخامات والتقنيات بخصائص فنية انفرد بها عن غيره من الفنون الأخرى، ومن أبرز الأمثلة على هذا النمط الفني، جرن معمودية سانت لويس، وهو أحد أعمال الفن الإسلامي، التي تمت صناعتها في عهد الدولة المملوكية على يد النحاس محمد بن الزين، وهي قطعة مصنوعة من النحاس المطعمة بالفضة و الذهب. وعند وصف هذه القطعة الفنية الرائعة نجد نقوش وزخارف للعسكريين في وسطها تعكس حياة البلاط والبعد العسكري لسلالة المماليك في مصر، وعلى الرغم أنها كانت قطعة إسلامية الصنع إلا إنها استخدمت كجرن معمودية لملوك فرنسا المستقبليين، مما جعلها قطعة تاريخية إسلامية وفرنسية مهمة.
أيضًا المشكوات وهي إحدى الطرق التي استعملها المسلمين قديمًا لإنارة المساجد، وهنا لفت اهتمامي مشكاة مملوكية الصنع موجودة حاليًا في متحف اللوفر بباريس هذه المشكاة تظهر مدى إبداع المماليك في تصنيع المعادن كما تظهر لنا أن هذا النوع من التحف لم يقتصر فقط على الملوك و السلاطين، وإنما صنع أيضًا برسم علماء الدين وأهل العمامة لما كان لهم من قدر كبير في الدولة، وهذه المشكاة كانت تستخدم قديمًا لإنارة مصلى قبة الصخرة الذي شيده الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان وقد نحت عليها من الأعلى عبارة "لا اله إلا الله".
وعند ذكر الفنون التاريخية الإسلامية لا بد من ذكر زخارف المسجد الأقصى وقبته الرائعة التي تعكس بصمات الحضارة الإسلامية، فزخرفة سقوفها المذهبة وجدرانها الرخامية ونوافذها الزجاجية تفتن العين بالفسيفساء، وجمال تأليفها وألوانها التي جاءت كلها على أحسن تناسق وانسجام، وبالأشكال المختلفة التي استعملت، والأساليب، والألوان، ودقة الصنع التي بلغت الحد الأعلى من الكمال، حيث غُطت معظم أروقة وجدران المصلى من الداخل بالفسيفساء لتشكل وحدة فنية منسجمة في التكوين ومتحدة في الأسلوب، وأجمل ما في الزخرفة الآيات القرآنية التي تعتبر أقدم ما كتب من الخط العربي الجميل.
حيث جاء الاستغناء عن الصور الممثلة للإنسان والحيوان وفقًا لأحكام الديانة الإسلامية، واستعيض عنها بالأشكال الطبيعية والرسوم المركبة والتقليدية، مما أعطى المكان رونقًا يمتاز عن غيره وبعث في النفس شعورًا بالهدوء والطمأنينة، ومن الجدير بالذكر أن المسجد الأقصى وقبته المشرفة بني في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان، حيث بدأ في بنائها عام 66 هـ الموافق 685م، وانتهى منها عام 72 هـ الموافق 691م، وأشرف على بنائها المهندسان رجاء بن حيوة الكندي، ويزيد بن سلام.
ومن ضمن أمجاد الفن والحضارة الإسلامية الهندسة والعمارة؛ فحين نفكر بالأبنية الأكثر تميزيًا في العالم نجد أغلبها إسلامية ومن الأمثلة على ذلك، المسجد الأموي في قرطبة؛ الذي يعتبر اقدم المباني الإسلامية في أوروبا والأكثر أبداعا فقد تميز هذا الجامع بالأقواس والأعمدة الرخامية والكتابات القرآنية.
تاج محل في الهند الذي يعتبر جوهرة العمارة الإسلامية، التي بناها الملك شاه جهان حيث استغرق بناءه ٢٢عاما، وقد استخدم في بناءه ٢٨ نوع من الأحجار الكريمة ليتم دمجها مع الرخام الأبيض وتم تصميم حديقة مقسمة إلى ١٦ روضة ذات طابع فارسي مميز بالإضافة إلى خزان ماء من الرخام مسمى بوعد الكوثر مستوحى من نهر رسول الله في الجنة (نهر الكوثر).
قصر الحمراء في أسبانيا، وهو قصرٌ أَثري وحصن وأحد أهم صروح العمارة الإسلامية شَيَّده مؤسس دولة بني الأحمر «الغالب بالله" في مملكة غرناطة خِلالَ النصف الثاني من القرن العاشر الميلادي، ومن سِمات العمارة الإسلامية الواضحة في أبنية القصر؛ استخدام العناصر الزُخرفية الرقيقة في تنظيمات هندسية كزخارف السجاد، وكتابة الآيات القرآنية والأدعية.
أيضًا جامع سامراء الكبير(أو جامع الملوية في العراق) بني من قبل الخليفة العباسي المتوكل (847-861) حوالي عام 850 ميلادي، حينها أكبر مسجد في العالم، إذ تبلغ مساحته الإجمالية حوالي 42 فدانا، تم بناء المسجد من الطوب المشوي بديكور داخلي يعتمد على التزيين بالزجاج الأزرق.
ولا ننسى جامع قرطبة حيث تم بناء الأجزاء الأولى من المسجد الكبير في قرطبة بإسبانيا على موقع كنيسة مسيحية من قبل الحاكم الأموي عبد الرحمن الأول في 784-786 ميلادي، وقد خضع الهيكل لعدة توسيعات في القرنين التاسع والعاشر، وأثناء إحداها تمت إضافة محراب مزخرف بإتقان متناه يقع خلف قوس ذو تفاصيل مذهلة.
ومن هنا نلاحظ أن الحضارة الإسلامية والتي عُبر عنها بمختلف المجالات سواء أكانت فنية أو علمية أو هندسية لم تكن حضارة مغلقه أو مقتصرة على الدين فقط، بل كانت حضارة منفتحة على العالم مرتبطة بالحضارات الأخرى، فنرى تأثرها بالحضارة الفارسية و الإغريقية و بلاد ما بين النهرين وغيرها من الحضارات وهذا ما جعلها مميزة قابلة للتطور على مر الأزمان وآثارها باقية حتى الآن.