النوم هو الهدية التي يجدد بها الإنسان قواه ويغسل همومه ويستعيد طمأنينته مع كل ليلة لكن حين يفقد هذه النعمة يجد نفسه أسيرًا لليل طويل يثقل روحه ويرهق جسده.
هذه الحالة تُعرف بالأرق وهو اضطراب يسرق من الإنسان راحته ويحوّل فراشه من مكان للسكينة إلى ساحة قلق وتوتر.
الأرق لا يعني فقط قلة الساعات التي ينامها الإنسان بل هو أيضًا تردي نوعية النوم؛ قد يطيل أحدهم الاستلقاء على سريره لكنه يستيقظ مثقلًا بالتعب وكأنه لم يغمض عينيه.
وتتنوع أسبابه بين الضغوط النفسية التي تملأ العقل بالهواجس والهموم وبين الأمراض والآلام الجسدية التي تمنع الجسد من الاسترخاء إضافة إلى العادات اليومية الخاطئة مثل: الإفراط في شرب المنبهات أو الانشغال بالأجهزة الإلكترونية حتى وقت متأخر.
ومهما اختلفت الأسباب تبقى آثار الأرق واحدة: إرهاق مستمر وتركيز مشتت وانفعال سريع ومناعة ضعيفة أمام الأمراض، والأصعب من ذلك كله أن من يعاني الأرق يعيش نهاره بملامح باهتة وروح مثقلة وكأن الحياة تمر من حوله وهو عاجز عن ملامستها بفرح أو راحة.
ومع أن الأرق يبدو عدوًا صامتًا إلا أن مواجهته ممكنة؛ يحتاج الإنسان إلى أن يعيد التوازن لحياته فينتظم في نومه ويبتعد عن كل ما يثير توتره قبل الفراش ويمنح عقله فرصة للسكينة، وإذا طال به الحال دون تحسن فطلب المساعدة الطبية يصبح ضرورة لأن النوم ليس رفاهية يمكن الاستغناء عنها بل هو أساس الصحة النفسية والجسدية وبدونه تتعثر كل تفاصيل الحياة.
في النهاية، الأرق ليس مجرد قلة نوم، بل هو غياب عن لحظة الراحة التي يحتاجها القلب والعقل معًا، والبحث عن علاج له ليس بحثًا عن النوم وحده، بل عن حياة أكثر صفاء واتزانًا.