لم يعد القضاء اليوم كما كان في الماضي حيث تتكدّس الملفات الورقية وتستغرق الإجراءات وقتًا طويلًا فقد دخلت التكنولوجيا بقوة إلى هذا الميدان لتغيّر ملامحه وتجعل العدالة أكثر سرعة وشفافية ودقة.
أولى خطوات هذا التحوّل ظهرت في الأرشفة الرقمية؛ إذ استُبدلت الملفات الضخمة والسجلات التقليدية بملفات إلكترونية منظّمة يسهل الوصول إليها في أي وقت مما قلّل من الهدر وضَمن حفظ الحقوق بعيدًا عن ضياع الوثائق أو وقوع الأخطاء البشرية.
كما شكّلت الجلسات الافتراضية عبر الإنترنت نقلةً جديدة خاصةً في القضايا البسيطة أو حين يتعذّر حضور أحد الأطراف فأتاحت هذه التقنية اختصار الوقت والنفقات وربطت المواطن بالمؤسسة القضائية حتى من المناطق النائية.
ولم يتوقف الأمر هنا فبرامج إدارة القضايا الإلكترونية أسهمت في تسريع الإجراءات وإرسال القرارات والإشعارات فورًا مع إتاحة منصات رقمية لتقديم الدعاوى والشكاوى دون الحاجة إلى زيارة المحكمة شخصيًا.
إلى جانب ذلك، عزّزت التكنولوجيا مبدأ الشفافية إذ أصبح بإمكان الأفراد متابعة القضايا العامة والاطّلاع على الأحكام عبر المواقع الرسمية وهو ما رسّخ الثقة بين المواطن والقضاء.
وهكذا، فإن الرقمنة لم تكن مجرد ترف بل خطوةً حتمية نحو قضاءٍ أكثر عدلًا وأسرع إنجازًا وأقرب إلى الناس إنها شهادة حيّة على أن الابتكار قادر على حماية الحقوق وتحقيق العدالة بوسائل عصرية.