في وسط العاصمة الأردنية عمّان تلتقي الحياة اليومية مع صخب المرور وضوضاء البناء والنشاطات التجارية يظهر التلوّث الضوضائي كأحد أخطر أنواع التلوّث غير المرئي والذي أصبح يؤثّر بشكل مباشر على الصحة النفسية والجسدية للسكان.
تُعتبر الضوضاء الناتجة عن وسائل النقل ولا سيّما السيارات والدراجات النارية القديمة المصدر الرئيسي للتلوّث في عمّان يلي ذلك الضوضاء التي تصدر عن ورش العمل ومكبّرات الصوت في الأسواق والمناسبات العامة وعلى الرغم من أن الضوضاء ليست مرئية إلا أن تأثيراتها ملموسة مثل زيادة مستويات التوتر واضطرابات النوم وقد تؤدي أيضًا إلى مشاكل صحية مزمنة كارتفاع ضغط الدم وفقدان السمع التدريجي.
توضح منظمة الصحة العالمية أن التعرّض المستمر لأصوات تتجاوز 70 ديسيبل يمكن أن يكون له تأثيرات سلبية على الصحة وهذا المستوى من الضجيج موجود في العديد من المناطق الحيوية في عمّان مثل: وسط البلد ودوّار الداخلية وشارع الجامعة، ويعاني السكان في الأحياء القريبة من الطرق الرئيسية من تدهور ملحوظ في جودة حياتهم نتيجة الضجيج المستمر مما يدفع بعضهم إلى التفكير في الانتقال إلى أماكن أكثر هدوءًا.
على الرغم من وجود تشريعات تنظم مستويات الضوضاء إلا أن عدم التطبيق الفعلي لها وغياب أجهزة الرقابة الفعالة يُسهمان في تفاقم المشكلة بالإضافة إلى ذلك فإن عدم وعي المجتمع بدور الأفراد في تقليل الضجيج مثل تجنّب الاستخدام المفرط للأبواق والالتزام بمواعيد البناء يزيد من عمق الأزمة.
لا يقتصر الحل على سنّ القوانين فقط بل يتطلب وضع خطة وطنية شاملة تتضمن تركيب عوازل صوتية في المناطق الحساسة، وتعزيز وسائل النقل الصديقة للبيئة بالإضافة إلى تحسين الرقابة كما يجب إطلاق حملات توعوية تُروّج لثقافة احترام الهدوء كجزء من الحياة المدنية.
التلوّث الضوضائي في عمّان ليس مسألة لا مفر منها بل هو تحدٍ يمكن التغلب عليه إذا وُجدت الإرادة والوعي من أجل تحقيق بيئة أكثر هدوءًا وصحةً للسكان جميعهم.