تعد الآثار المعمارية القديمة في خربة التنور المتاخمة لوادي الحسا وعفرا بالطفيلة ، إحدى مفاخر الفن النبطي المتقن الذي جسد حضارة تركت نقشها على حد الصحراء الأردنية ، فكان وشما عصيا على الزمن.
وتأتي أهمية خربة التنور حسب الدراسات الأثرية كونها كانت موقعًا عسكريًا استراتيجيًا وتجاريًا ودينيًا ، إلى جانب علاقاته مع العاصمة النبطية "البتراء ومدينة تدمر".
وتنتشر أثار العمارة النبطية الزاخرة بالروعة والجمال بين وادي اللعبان المتفرع من وادي الحسا الذي يصعد باتجاه الجنوب منسابا بين الجبال الوعرة بمحاذاة الطريق الملوكي الذي يوصلك إلى محافظات الطفيلة ومعان والعقبة.
ويشاهد الزائر لخربة الضريح بقايا المعبد النبطي القديم الذي تبقى منه عدد بسيط من قواعد الأعمدة التي تصطف على جدرانه المبنية من حجارة ضخمة مستطيلة الشكل يتوسطها مذبح نبطي إلى جانب أعمدة تناثرت بين أنقاض الركام وحنيات الأقواس ورؤوس الأعمدة المزخرفة بالنقش"الكرنثولي" الجميل التي تتواجد بين مساكن الخربة القديمة.
وحسب الباحث والأديب سليمان القوابعة ، فقد شيد الأنباط هذه المدينة على طراز الفن المعماري النبطي القديم مع إدخال بعض أنواع الفن المعماري التي اكتسبوها من اليونان والرومان في الحقبات الزمنية التي سيطرت فيها تلك الدول على المنطقة العربية وأقاموا في مدنها منشآت عمرانية.
ويضيف القوابعة لقد تميز الأنباط في بناء مدينتهم هذه بحفر الصخور ونقش حجارة الواجهات الحجرية واقواس مداخل الأبواب التي تركها لنا الانباط تحفا فنية رائعة في جميع مدنهم التي بنوها ومنها خربة الضريح التي تعد احدى الكنوز الاثرية التي تجسد الفن المعماري النبطي.
وتحتوي الخربة من جهتها الجنوبية على المعبد الذي تفضي اليه ساحة وممرات خارجة من فناء المعبد والعديد من الغرف السكنية مختلفة الأحجام تتوسطها الساحات المرصوفة بحجارة منمقة البناء ويظهر انها المنطقة السكنية من المدينة.
وفي الجانب الشمالي توجد غرف كبيرة مستطيلة الشكل يظهر انها استخدمت حمامات ساخنة تم تزويدها بالماء من خلال قنوات حجرية تصل الى منابع الماء ومن وادي اللعبان ويتم تجميعها في برك مياه كبيرة مبنية من الحجارة الضخمة ما زالت اثارها باقية لغاية الآن.
وكشفت الحفريات في المواسم السابقة عن "الموتاب" الذي يدعى قدس الأقداس في المعبد النبطي إضافة الى اكتشاف بقايا استيطان في العصور البرونزية المتأخرة والعصر الحديدي ومجموعة ممرات وحجرات كانت تستخدم للعبادة.
وتمكنت فرق التنقيبات خلال مواسم تنقيبية سابقة من اكتشاف المذبح الرئيسي في الجهة الشرقية من المعبد اضافة الى حمامات بخارية كانت تستخدم للاستحمام قبل الدخول إلى المعبد وتماثيل لآلهة الأنباط والاتصال بالحضارة الغربية ، الهلنستية والرومانية الى جانب مضافات دينية إلى الجهة الجنوبية خارج المعبد ومجموعة آثار وفخاريات تعود للعصور البرونزية المختلفة ، وأخرى للعصر الحديدي الأول ، في إشارة الى انه يعد من المواقع النادرة التي تمثل الفترة البرونزية ، والعصر الحديدي الأول حسب ما بينته دراسات أثرية.