لا أحد يرى الزجاجة التي تُرمى في الشارع وهي تتحلّل… لأنها ببساطة لا تتحلّل.. تبقى هناك شاهدة على عادة صغيرة لكنها تتكرّر ملايين المرات حول العالم لتتحوّل إلى أزمة عالمية لا يمكن تجاهلها.
لم يعد التلوّث البلاستيكي مجرّد مشهد عابر على الشاطئ أو مشكلة في قاع البحر بل أصبح جزءًا من حياة الناس اليومية: في الهواء وفي الماء وفي الطعام وحتى داخل أجسادنا… تسلّلت جزيئات البلاستيك الدقيقة دون أن نلاحظ، وكلما بدا الأمر بعيدًا، كلما اقترب أكثر.
العالم اليوم يُنتج أكثر من 400 مليون طن من البلاستيك سنويًا نصفها تقريبًا يُستخدم مرة واحدة فقط ثم يُلقى جانبًا، هذه المواد لا تذوب ولا تختفي بل تبقى عالقة في الطبيعة لمئات السنين تختبئ بين الرمال تتكسّر إلى قطع صغيرة ثم تبدأ رحلتها إلى داخل الكائنات الحية… وإلينا.
ليس من الضروري أن يرى الإنسان سلحفاة مختنقة بكيس أو طائرًا ابتلع غطاء زجاجة ليفهم حجم الكارثة، يكفي أن يعرف أن البلاستيك الذي يُلقى دون تفكير قد يسبّب موتًا صامتًا في كل مكان: في البحار وفي الغابات وحتى في المدن.
المؤلم في هذه الأزمة أن أغلب أسبابها بسيطة جدًا: شراء دون حاجة واستخدام مفرط وتجاهل لإعادة التدوير وعادة يومية لا يُنتبه لها.
ومع ذلك، العواقب ليست بسيطة على الإطلاق فالبلاستيك لا يختفي بل يتراكم ويتحوّل ببطء إلى خطر حقيقي على الصحة العامة والتوازن البيئي.
الهواء الذي نتنفسه والماء الذي نشربه وحتى التربة التي تنمو فيها محاصيلنا… لم تعد كما كانت، آثار التلوّث البلاستيكي أصبحت محسوسة حتى وإن لم تكن مرئية دائمًا.
وما يُخيف أكثر أن الكوكب لا يملك وقتًا طويلًا ليتعافى إن استمر الحال على ما هو عليه ورغم ذلك لا يزال بالإمكان فعل شيء، قرارات بسيطة قد تصنع فارقًا كبيرًا: تقليل الاستهلاك واستخدام البدائل القابلة لإعادة الاستخدام وفرز النفايات ودعم حملات التوعية وتحمل المسؤولية - لا على مستوى الحكومات فقط بل في حياة كل فرد.
إن التلوّث البلاستيكي ليس مجرد أزمة بيئية بل اختبار أخلاقي أيضًا... اختبار لقدرتنا على التعايش مع الأرض دون أن نؤذيها، فالكوكب لا يحتاج إلى أن نُنقذه بمعجزة بل إلى أن نتوقف عن أذيته كل يوم… بالقليل من الوعي وبقرارات بسيطة لكنها صادقة.