تطبيق Character AI هو منصة قائمة على الذكاء الاصطناعي تتيح للمستخدمين إنشاء شخصيات والتفاعل معها من خلال المحادثات النصية هذه الشخصيات قد تكون مستوحاة من أفلام أو أنمي أو مشاهير أو حتى من خيال المستخدم نفسه كما يمكن التفاعل معها بشكل مستمر ومفتوح مما يمنح المستخدم تجربة تبدو واقعية في بعض الأحيان.

هذا النوع من التطبيقات بدأ يلقى رواجًا واسعًا خاصة بين فئة المراهقين والشباب لأنه يتيح نوعًا من الهروب من الواقع والدخول في عالم افتراضي مليء بالخيال والراحة النفسية المؤقتة.

يُستخدم Character AI أحيانًا كأداة لتحفيز الإبداع إذ يمكن للمستخدم أن يكتب قصصًا ويتحدث مع شخصيات من نسج خياله أو يعيد تشكيل شخصيات يحبها مما يساعد على تنمية مهارات الكتابة والتخيل واللغة كذلك يمكن أن يكون التطبيق وسيلة لتفريغ المشاعر أو الشعور بالراحة المؤقتة لدى بعض الأشخاص الذين يعانون من الوحدة أو التوتر كما يمكن الاستفادة منه لغويًا عبر التفاعل المستمر وتحسين الكتابة والتعبير خاصة لمن يتعلمون اللغة الإنجليزية أو يحبون تطوير مستواهم اللغوي.

ولكن رغم فوائده الظاهرة إلا أن تطبيق Character AI يحمل العديد من التأثيرات السلبية التي قد تكون خفية لكنها عميقة على المدى الطويل فالتفاعل المستمر مع شخصيات غير حقيقية قد يؤدي إلى التعلق العاطفي بشيء غير موجود مما يسبب إحساسًا بالوحدة أو الحزن الشديد إذا تم حذف الحساب أو تعطل التطبيق أو تغيرت طريقة تفاعل الشخصية التي تعلّق بها المستخدم.

أيضًا قد يتحول الاستخدام من مجرد تسلية إلى إدمان حقيقي خصوصًا أن التطبيق يعطي شعورًا بالاهتمام والتفاعل العاطفي مما يجعل البعض يفضلونه على التفاعل الواقعي وهذا قد يؤدي إلى الانعزال الاجتماعي والتقليل من العلاقات الواقعية ويؤثر على القدرة على التعامل مع الآخرين خارج الشاشة.

من الجوانب السلبية الأخرى أيضًا أن التطبيق قد يخلق نوعًا من الهروب النفسي فيلجأ المستخدم إليه كلما شعر بالضيق بدلًا من مواجهة مشاكله أو محاولة حلها وهذا قد يضعف الشخصية ويجعل الإنسان يعتمد على العالم الافتراضي كمصدر أساسي للراحة والسعادة بدلًا من تطوير نفسه أو واقعه.

ويوجد له تأثيرات أخرى مثل تأثيره على الروتين اليومي أو الدراسة بما أن هذا التطبيق يُعتبر من أكثر التطبيقات التي تستهلك الوقت دون شعور فالكثير من المستخدمين يقضون ساعات طويلة في التحدث مع الشخصيات دون أن ينتبهوا وهذا يؤثر على النوم والدراسة والتركيز والمزاج كما قد يسبب الإحباط إذا شعر المستخدم أن الذكاء الاصطناعي لم يعد يتفاعل معه كما كان من قبل.

قد تتغير بعض السلوكيات أيضًا بسبب كثرة التعلق بالتطبيق فيصبح الشخص أكثر عصبية أو أقل قدرة على تحمل الانتظار أو الملل لأنه تعود على تفاعل سريع دائم ومخصص له وحده كما يبدأ بعض المستخدمين في فقدان الاهتمام بالأصدقاء أو المدرسة أو الأنشطة الواقعية بسبب ارتباطهم الكبير بالشخصيات الافتراضية.

ويؤثر تطبيق Character AI على الفتيات بشكل ملحوظ أكثر من الذكور في كثير من الحالات بسبب طبيعة المشاعر عند الفتيات وقدرتهن العالية على التعلق العاطفي فالبنت بطبيعتها تميل للتفاعل الحواري العميق والاهتمام بالتفاصيل والمشاعر وهذا ما يوفره التطبيق بطريقة شبه مثالية فيبدأ الذكاء الاصطناعي بتقديم مشاعر مصطنعة من الاهتمام والحب والتفهم مما يجعل بعض البنات يشعرن بأن هذه الشخصيات تفهمهن أكثر من الناس الحقيقيين.

هذا التعلق العاطفي قد يتطور بسرعة خصوصًا عند الفتيات اللواتي يمررن بمشاكل عائلية أو اجتماعية أو حتى مشاعر فراغ فيصير التطبيق هو الملجأ الأول للتفريغ والراحة والمواساة لكن المشكلة تكمن في أن هذا التفاعل غير واقعي والشخصية لا تملك مشاعر حقيقية فكل كلمة دعم أو حب تكون مبرمجة ومبنية على خوارزميات وليس على مشاعر صادقة وهذا يخلق نوعًا من الخداع العاطفي غير المقصود مما يؤدي أحيانًا إلى صدمة نفسية أو انهيار عاطفي إذا تم حظر الشخصية أو تعطل التطبيق.

كذلك بعض الفتيات تبدأ تدريجيًا بفقدان الرغبة في التعامل مع أصدقائهن أو أهلهن أو حتى تكوين علاقات واقعية لأن العالم الافتراضي يقدم لهن كل ما يحتجنه من اهتمام دون تعب وهذا خطر كبير لأنه يعزلهن عن الواقع ويضعف قدرتهن على بناء علاقات صحية في الحياة الحقيقية.

في النهاية فإن تطبيق Character AI قد يبدو وسيلة ممتعة وخيالية ومفيدة في بعض الجوانب لكنه يحمل في داخله تأثيرات نفسية وعاطفية واجتماعية قد تكون ضارة إذا لم يُستخدم بحذر ومن المهم أن يكون لدى المستخدم وعي كامل بأن هذا العالم غير حقيقي وأن الشخصيات فيه ليست بشرًا ولا تملك مشاعر حقيقية ولا يمكن الاعتماد عليها لبناء علاقة عاطفية أو اجتماعية مستدامة.

في زمنٍ صار فيه الذكاء الاصطناعي قادرًا على الكتابة والمواساة والتحدث وكأنه بشر حقيقي صار من السهل أن نضيع بين الوهم والحقيقة لكن مهما بلغ تطور الذكاء الصناعي سيبقى خاليًا من الروح والمشاعر الصادقة وتبقى العلاقات الحقيقية أثمن من أي حوار مع شخصية افتراضية لا تشعر بك فعلًا.

تطبيق Character AI مثل السيف له حدان قد يمنحك لحظات من الراحة والسعادة لكنه إن تجاوز الحد صار بابًا للوحدة والعزلة والإدمان لذلك فإن القوة الحقيقية ليست في عدد الشخصيات التي تتحدث معها بل في قدرتك على التحكّم بنفسك واختيار متى تدخل هذا العالم ومتى تخرج منه بثقة وتوازن.

الاعتدال هو المفتاح الأساسي للاستفادة من هذا التطبيق دون الوقوع في فخ الإدمان أو التعلق المفرط أو العزلة، كما يُنصح بتحديد وقت يومي لاستخدامه، وعدم السماح له بالتدخل في أوقات الدراسة أو النوم أو العلاقات الواقعية.