لطالما شكّل سؤال وجود الماء على كوكب المريخ لغزًا علميًا محوريًا، إذ يُعد الماء العنصر الأساس لقيام الحياة كما نعرفه وقد دفع هذا الإحتمال العلماء إلى تكثيف جهودهم في استكشاف هذا الكوكب الأحمر، وفي العقود الأخيرة بدأت الأدلة تتزايد على وجود الماء سواء في شكل جليد أو أملاح رطبة، ما يفتح آفاقًا واسعة لفهم ماضي المريخ وإمكانية احتضانه لأشكال من الحياة في زمن مضى أو حتى في أعماقه حاليًا.
منذ أن تم اكتشاف أول دليل على وجود الماء في حالة جليد عند القطبين المريخيين، توالت الاكتشافات التي عززت هذه النظرية، الصور التي أرسلتها المركبات الفضائية مثل "كيوريوسيتي" و"بيرسيفيرانس" أظهرت معالم جغرافية تدل على أن المياه كانت تتدفق على سطح المريخ في العصور الماضية، من بين هذه المعالم توجد الأودية الكبيرة والأنهار الجافة التي تبدو مشابهة لتلك التي توجد على كوكب الأرض.
كما أن هناك دلائل حديثة تشير إلى وجود مياه جوفية تحت سطح المريخ بجانب المياه السطحية، ففي عام 2018 تمكن العلماء من اكتشاف بحيرة تحت السطح في القطب الجنوبي للكوكب بإستخدام رادار مركبة "مارس إكسبريس" الأوروبية، حيث كانت هذه البحيرة مدفونة تحت طبقة كثيفة من الجليد، فإذا أكدت الدراسات
وجودها فإنها قد تكون مصدرًا محتملاً للحياة الميكروبية تحت سطح المريخ حيث يوفر الماء السائل بيئة مناسبة للكائنات الدقيقة.
إذا وُجد الماء على المريخ، سواء في الماضي أو الحاضر، فإن ذلك يعزز إحتمال وجود حياة على هذا الكوكب. فعلى كوكب الأرض توجد الحياة في بيئات قاسية للغاية مثل الينابيع الساخنة أو تحت الأنهار الجليدية لذا، فإن وجود الماء السائل على المريخ حتى وإن كان مالحًا، قد يُوفر ظروفًا مشابهة تدعم وجود كائنات حية دقيقة مثل البكتيريا.
البعثات المستقبلية مثل "بيرسيفيرانس" تسعى لاستكشاف هذه الإمكانيات بشكل أعمق على سبيل المثال، تهدف مهمة "بيرسيفيرانس" إلى جمع عينات من تربة وصخور المريخ التي قد تحتوي على أدلة على وجود حياة قديمة، وستساهم هذه العينات في تقديم إجابات حاسمة حول ما إذا كان المريخ قد شهد الحياة في وقت ما.
تشير الأدلة الحالية إلى أن كوكب المريخ يحتوي على الماء سواء في صورة جليد في القطبين، أو كمياه جوفية تحت السطح، أو حتى على شكل ماء سائل مالح يتدفق بشكل موسمي ومع استمرار البعثات الفضائية في استكشاف الكوكب الأحمر، قد يكون العثور على حياة على المريخ مجرد مسألة زمن.