يقع متحف دار السرايا في قلب مدينة إربد شمال الأردن، ويُعد من أهم المعالم التراثية والثقافية في المحافظة، ويجسد جزءًا مهمًا من تاريخ المدينة والمنطقة بشكل عام، يعود بناء هذا الصرح إلى الحقبة العثمانية وتحديدًا منتصف القرن التاسع عشر، وكان يُستخدم في الأصل كمقر للحاكم الإداري أو ما يُعرف بـ"السرايا" ومنها استمد اسمه.
شُيدت دار السرايا على طراز العمارة العثمانية الكلاسيكية، ويظهر ذلك جليًا في التصميم الداخلي والخارجي للمبنى الذي يتميز بالقناطر الحجرية والنوافذ المقوسة والأسقف المرتفعة، وقد بُني باستخدام الحجر البازلتي الذي تشتهر به منطقة إربد ما أضفى عليه طابعًا مميزًا وجماليًا، يقع المتحف على تلة تُطل على المدينة القديمة مما يجعله نقطة جذب سياحية وثقافية مهمة.
في سبعينيات القرن العشرين تم تحويل دار السرايا إلى متحف للآثار، ليعرض قطعًا أثرية تغطي مراحل متعددة من تاريخ الأردن، بدءًا من العصور الحجرية مرورًا بالعصور البرونزية والحديدية، ووصولًا إلى الحقبة الإسلامية والعثمانية، يضم المتحف اليوم مجموعة غنية من اللقى الأثرية مثل الأدوات الحجرية والفخاريات والتماثيل الصغيرة والنقوش والقطع النقدية التي تروي قصة تطور الحياة في شمال الأردن عبر العصور.
يلعب متحف دار السرايا دورًا مهمًا في تعزيز الوعي الثقافي لدى الزوار سواء من السكان المحليين أو السياح، كما يُستخدم كموقع لإقامة الفعاليات الثقافية والمعارض المؤقتة التي تسلط الضوء على التراث الأردني المتنوع، وتعمل دائرة الآثار العامة باستمرار على تطوير المتحف وتحديث معروضاته لتقديم تجربة تعليمية وثقافية شاملة.
إن زيارة متحف دار السرايا لا تقتصر على استكشاف القطع الأثرية فقط؛ بل هي رحلة في عمق تاريخ إربد والمنطقة وفرصة لملامسة روح المكان الذي شهد تحولات كبرى منذ العهد العثماني وحتى يومنا هذا.