عندما نبدأ الحديث عن آفة المخدرات فإننا نتحدث عن مدى الأضرار التي تسببها على الأسر والمجتمع سواء الأضرار المادية أو تأثيرها على النفس البشرية من الناحية الصحية ونغفل تمامًا مدى خطورتها على الصحة النفسية والعقلية.
المخدرات والصحة النفسية... علاقة وثيقة
تُعد الأضرار النفسية من أخطر وأعمق أضرار المخدرات؛ فالمخدرات ليست مجرد مواد كيميائية تؤثر على وظائف الجسم، بل هي سموم تُدمر العقل والنفس بصورة بطيئة.
العلاقة بين المخدرات والصحة النفسية علاقة معقّدة ومتشابكة وتحمل بين طياتها الكثير من الاضطرابات النفسية، فعلى سبيل المثال الاستخدام المتكرر للمخدرات قد يؤدي إلى:
· الاكتئاب والقلق: شعور دائم بالحزن والقلق ويصاحبه شعور باليأس المستمر وقد تنضم أيضًا نوبات من الهلع والخوف غير المبرر.
· اضطرابات المزاج: تتسبب المخدرات في تقلبات مزاجية ينتقل فيها المتعاطي من مزاج السعادة المزيفة المؤقتة إلى الغضب الشديد أو الحزن والقلق.
· الهلوسة: بعض أنواع المخدرات وخاصة المنشطات والمهلوسات قد تُسبب نوبات ذهنية تفقد المتعاطي اتصاله بالواقع ويُصاب بهلوسة بصرية وسمعية وأوهام.
· السلوك العدواني والعنيف: قد تؤثر المخدرات على مراكز التحكم في الدماغ مما يؤدي إلى سلوك وتصرفات عنيفة وعدوانية تجاه الذات أو الأحباب وحتى الغرباء.
دائرة مغلقة
تبدأ دائرة الإدمان النفسي من شعور بالسعادة والاستقرار النفسي المؤقت ويعتقد المتعاطي في هذه المرحلة أن المواد المخدرة تساعده على الهروب من مشاكله أو تحسين مزاجه لكن هذا الشعور سرعان ما يختفي ويبقى لدى المتعاطي شعور بالحزن والقلق المضاعف.
يبدأ العقل في هذه الفترة بالشعور بالغربة عند غياب هذه المواد ويصبح غير مستقر وتبدأ أعراض مثل القلق والاكتئاب والعصبية والأرق والهياج بالظهور هذه الأعراض تدفع المتعاطي للبحث بشكل هستيري عن المزيد والمزيد من المخدرات مما يجعله يقع في دائرة مغلقة من السعادة الزائفة والقلق المستمر والاكتئاب.
علينا ألا نغفل أن أضرار المخدرات لا تقتصر على الفرد فقط بل تشمل العائلة والأسرة والمجتمع بأكمله تبدأ المعاناة من التفكك الأسري حين يُدمر الأب أو الأم أطفالهم أو يؤذي الأخ أو الأخت إخوانهم أو حتى والديهم ويصبح المتعاطي في نهاية المطاف عبئًا على من حوله ولا يمكننا أن ننكر العلاقة الوثيقة بين المخدرات والجريمة فالعلاقة بينهما علاقة طردية فكلما زاد عدد المتعاطين من المحتمل أن يزداد عدد الجرائم.
الوقاية خير من ألف علاج والتوعية بمخاطر المخدرات بين الشباب هي الخطوة الأولى لبناء مجتمع خالٍ من المخدرات.
في هذا المقال ألقينا الضوء على حجم الخطر الذي تمثله المخدرات على صحتنا النفسية، وتذكّروا دائمًا أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية إذا كنت أنت أو أي شخص تعرف أحًا يعاني من الإدمان، فلا تتردد في طلب المساعدة فالحياة أجمل بكثير بدون المخدرات ومليئة بالسعادة والأمل والصحة والشعور بالاستقلال.