أصبحت التكنولوجيا في عصرنا الرقمي الحديث، جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وتؤثر بشكل مباشر على العلاقات الأسرية، فقد أصبحت الأجهزة الذكية، مثل: الهواتف المحمولة والحواسيب اللوحية، حاضرة في كل مكان داخل المنازل، مما يطرح تحديات جديدة أمام الأسر في الحفاظ على ترابطها وتوازنها ومن هذا المنطلق، تأتي الحاجة إلى فهم كيفية تأثير التكنولوجيا على العلاقات الأسرية، وكيفية التكيف مع هذه التحديات لتحقيق الترابط الأسري المنشود.
أحد أبرز التحديات التي تواجه الأسر في العصر الرقمي هو تراجع التواصل الفعلي بين أفراد الأسرة فقد بات من الشائع أن ينشغل كل فرد بجهازه الشخصي، سواء كان ذلك لمشاهدة الفيديوهات أو اللعب أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي هذا الاستخدام المكثف للتكنولوجيا يؤدي إلى تقليص الوقت الذي يقضيه أفراد الأسرة معًا، مما يقلل من فرص الحوار والنقاش، ويضعف الروابط الأسرية على المدى الطويل.
إضافة إلى ذلك، تؤدي التكنولوجيا إلى ظهور ظواهر جديدة مثل "الإدمان الرقمي"، خاصة بين الأطفال والمراهقين يمكن أن يؤدي هذا الإدمان إلى انعزال الأفراد عن أسرهم، وتفاقم التوتر بين الآباء والأبناء حول كيفية ومدة استخدام الأجهزة الإلكترونية، كما يمكن أن يؤثر الاستخدام المفرط للتكنولوجيا على الصحة النفسية، حيث يؤدي إلى زيادة مستويات التوتر والقلق والشعور بالعزلة الاجتماعية.
ورغم هذه التحديات، يمكن للأسر اتخاذ خطوات إيجابية للحفاظ على ترابطها وتعزيز العلاقات الأسرية في ظل استخدام التكنولوجيا، أحد أهم الحلول هو وضع قواعد واضحة ومحددة لاستخدام الأجهزة الذكية، مثل: تخصيص أوقات معينة للاستخدام، وأوقات أخرى للتفاعل المباشر بين أفراد الأسرة، إذ يمكن للأسرة تحديد "وقت خالٍ من التكنولوجيا"، مثل: فترة تناول الطعام أو الجلسات الأسرية الأسبوعية، حيث يتم ترك الأجهزة جانبًا والتفاعل وجهًا لوجه.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأسرة الاستفادة من التكنولوجيا لتعزيز الروابط الأسرية بدلًا من إضعافها، فمثلًا: يمكن استخدام التطبيقات والألعاب الجماعية التي تشجع على التعاون والمشاركة، أو مشاهدة الأفلام والبرامج معًا كمصدر للترفيه والمناقشة، كما يمكن للأسرة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتبادل اللحظات المهمة والذكريات الجميلة، مما يسهم في تعزيز الشعور بالترابط والانتماء.
لا يمكن إنكار أن التكنولوجيا تأتي بتحديات جديدة تؤثر على العلاقات الأسرية، ولكن بالمقابل، يمكن للأسرة التكيف مع هذه التحديات من خلال وضع قواعد واضحة، وتشجيع التواصل الفعلي، واستخدام التكنولوجيا بطرق تعزز الترابط العائلي بهذه الخطوات، ويمكن للأسرة أن تحقق التوازن بين الاستفادة من التكنولوجيا والحفاظ على قوة العلاقات الأسرية.