في ظل التطور التكنولوجي المتسارع ودخول الذكاء الإصطناعي في مختلف مجالات الحياة، لم تعد الألعاب الإلكترونية مجرد وسيلة للترفيه، بل تحولت إلى أداة علاجية فعالة في بعض الحالات الطبية، خاصة في مجال الصحة النفسية وإعادة التأهيل الحركي.
دراسات حديثة أكدت أن بعض الألعاب الإلكترونية تسهم في تحسين الحالة المزاجية وتقليل مستويات التوتر، حيث أثبتت لعبة "Tetris" فعاليتها في الحد من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة عند لعبها مباشرة بعد التعرض لتجربة صادمة، كما صُممت لعبة "SPARX" خصيصًا لمساعدة المراهقين على التعامل مع الإكتئاب، من خلال دمج تقنيات العلاج السلوكي المعرفي وتقديم حلول للتعامل مع الأفكار السلبية.
تقنيات الواقع الإفتراضي أصبحت أيضًا أداة قوية لعلاج الرهاب، حيث تتيح للمرضى مواجهة مخاوفهم تدريجيًا في بيئة آمنة، مثل استخدام ألعاب لمحاكاة مواقف تتعلق بالخوف من المرتفعات أو العناكب، ولم يقتصر تأثير الألعاب على الصحة النفسية، بل امتد إلى تحسين اللياقة البدنية والتنسيق الحركي، كما هو الحال في لعبة "Beat Saber" التي تجمع بين الترفيه والتمرين البدني، مما يحفّز المرضى على الحركة والنشاط.
أما في مجال إعادة التأهيل، فقد أظهرت تجارب طبية أن الألعاب التفاعلية تساعد المرضى الذين تعرضوا لسكتات دماغية أو إصابات عصبية على استعادة وظائفهم الحركية بشكل أسرع، فعلى سبيل المثال، تساهم ألعاب مثل "Wii Fit" في تحسين التوازن والقوة العضلية من خلال تمارين تفاعلية، كما بيّنت دراسات أن المرضى الذين استخدموا ألعابًا مخصصة للعلاج أظهروا تحسنًا ملحوظًا مقارنة بمن تلقوا العلاج التقليدي.
ورغم هذه الفوائد، يبقى هناك تحديات تتعلق بكيفية ضمان أمان وفعالية هذه الألعاب، بالإضافة إلى ضرورة تجنب تحولها إلى مصدر إدمان بدلًا من استخدامها كأداة علاجية، ومع استمرار التطور التكنولوجي، قد تصبح الألعاب الإلكترونية جزءً أساسيًا من خطط العلاج المستقبلية، خاصة مع إمكانية توظيف الذكاء الإصطناعي في تطوير ألعاب طبية أكثر تخصيصًا تلبي احتياجات كل مريض على حدة.