ارتبطت
القهوة العربية بعادات وتقاليد عرفت منذ القدم، وكان فنجان القهوة العربية ذا
قيمة ومعنى، حيث ارتبط بالكثير من العادات بين العرب.
حيث تشرب القهوة العربية في كافة المناسبات الأفراح
والأتراح، وتعد رمزاً لأنهاء الخلافات، وللضيافة والكرم ولا بد من وجود القهوة
العربية في كافة الجاهات؛ لما لها من مكانة عالية، إذ لا بد من تقديم فنجان من
القهوة العربية لشيخ الجاهة أو المتحدث باسمها قبل البدء بأي حديث يخص ما ذهبت من
أجله هذه الجاهة.
كثيراً كنت أسمع جدي يتكلم أن هناك قواعد لتقديم القهوة
للضيف مما سارعت للبحث عن تلك القواعد وقراءتها والتعرف عليها.
وعرفت أن من أهم قواعد تقديم القهوة للضيوف، أن لا يملأ
المضيف الفنجان بالقهوة فكلما قلت كمية القهوة في الفنجان، كلما دل ذلك على شدة
الكرم ويجب أن تكون الكمية المقدمة للضيف في حدود ثلث الفنجان فقط، أما إذا وصل
مستوى القهوة إلى نصف الفنجان فأكثر فهذا يدل على أن هذا الضيف غير مرحب به من قبل
المضيف وعليه أن يغادر سريعا.
عند قدوم الضيف، يتم صب الفنجان الأول له ويكون (المقهوي
أو القهوجي) واقفا أمامه ينتظر منه (رج أو هز) الفنجان والتي تعني اكتفاء الضيف
بفنجان من القهوة.
الفنجـان الأول، ويسمى فنجان (الهـيف) وهو الفنجان الذي
يحتسيه المعزب أو المضيف قبل تقديم القهـوة لضيوفه، قديماً كانت تسري هذه العادة
عند العرب ليأمن ضيفهم من أن تكون القهوة مسمومة، وحديثا جرت هذه العادة ليختبر
المعزب جودة وصلاحية القهوة قبل تقديمها إلى الضيوف خوفاً من أن تكون (صايدة)
فيلحقه (حق) كبير إذ قدمه لضيوفه، وإلا فيلحق به العـار ويصبح مثارا للسخرية عند
الآخرين، والقهوة (الصايدة) هي القهوة التي لحقها الأذى من طعم غريب، وقد كان
البدو الأولين يعرفون ويميزون القهوة (الصايـدة).
أما الفنجـان الثاني، وهو فنجان (الضـيف) وهو الفنجـان
الأول الذي يقدم للضيف وهو واجب الضيافـة، وقد كان الضيف قديماً في البادية
مجـبراً على شربه إلا في حالـة العداوة أو أن يكون للضيف طلب صعب وقوي عند المضيف
فكان لا يشربه إلا بعد وعـد من المعزب بتلبية طلبه، وقد كان من عظائم الأمـور أن
يأتي إنسان إلى بيتك ولا يشرب فنجانك إلا بعد تلبية طلبه، فكان  حتماً
وإجبارًا (للمعزب) على التلبيـة وإلا لحق به العـار عند النـاس.
والفنجـان الثالث، فنجان (الكـيف) وهو الفنجـان الثاني
الذي يقدم للضيف، وهو ليس مجـبر على شربه ولا يقلل من قيمة المعزب إن لم يشربه
الضيف، إنما هو مجـرد تعديل كيف ومزاج الضيف.
الفنجـان الرابـع، وهو فنجان (السـيف) وهو الفنجـان
الثالث الذي يقدم للضيف، وهذا الفنجـان غالبـا ما يتركـه الضيف ولا يحتسيه لأنه
أقـوى فنجـان قهـوة لدى عرب الباديـة حيث  يعـني أن من يحتسـيه فهـو مع
المعزب في السـراء والضـراء، ومجـبر على الدفـاع عنه بحـد السـيف، وشريكه في
الحـرب والسلم، يعادي من يعاديه ويتحالف مع حلفـاؤه، حتى وإن كان من بين حلفائه من
هم أعداء له في الأصل (أعداء للضيف).
فقد كان هذا الفنجـان عبارة عن عقد تحـالف مدني وميثاق
ما بين الضيف والمعزب، وقد كان هذا الوضـع يحمل النـاس أمورا شدادًا ويواجهون
الموت بسببه، فلذلك كانوا يتحاشـونه ويحترصون منه أشـد الحـرص.
كما يجب حمل الدلة باليد اليسار والفنان باليد اليمين
عند تقديمه للضيف.
أما شرب أكثر من 3 فناجـين فعادة يعملها أهل وذوي صاحب
القهوة وأفراد قبيلته وأنسبائه وذوو الدم.