مع تطور المجتمعات وتغير أنماط الحياة، برز نقاش حول الأنماط الأسرية المختلفة، لا سيما العائلة الممتدة والأسرة النووية، وأيهما أكثر توافقًا مع احتياجات المجتمع الحديث، فلكل منهما مزايا وتحديات تختلف باختلاف السياقات الثقافية والاجتماعية، مما يجعل السؤال عن الأفضلية وبأنه أمرًا نسبيًا يعتمد على طبيعة المجتمع وأولوياته.
تعريف العائلة الممتدة والأسرة النووية:
العائلة الممتدة تضم عدة أجيال تعيش معًا أو بالقرب من بعضها، مثل الأجداد والأبناء والأحفاد، هذا النمط يعكس الترابط التقليدي الذي كان سائدًا في المجتمعات الزراعية أو القروية.
الأسرة النووية، تتألف عادة من الأبوين وأبنائهم فقط، والذي أصبح هذا النموذج شائعًا مع ظهور الحياة الحضرية، حيث تميل الأسر إلى الاستقلال والاعتماد على نفسها في إدارة شؤونها.
ومن مميزات العائلة الممتدة:
الدعم الاجتماعي والعاطفي، حيث توفر العائلة الممتدة شبكة دعم قوية لأفرادها، حيث يمكن لكل عضو الاعتماد على الآخرين في الأوقات الصعبة، سواء من الناحية العاطفية أو المادية.
تربية الأطفال بشكل مشترك، في العائلات الممتدة، يسهم الأجداد والأقارب في تربية الأطفال، مما يخفف العبء عن الوالدين العاملين، كما أن وجود عدة أجيال يتيح للأطفال الاستفادة من خبرات الأجداد والقيم التي تنقل عبر الأجيال.
التعاون المالي، قد يساعد تكاتف الأفراد في تقاسم الأعباء المالية وتوفير الاحتياجات الأساسية، مما يقلل من ضغوط الحياة اليومية.
ومع ذلك، قد تواجه العائلات الممتدة بعض التحديات، مثل الخلافات الداخلية بسبب تباين الأفكار بين الأجيال، وصعوبة تحقيق الخصوصية لكل فرد في ظل التداخل الكبير في الحياة اليومية.
أما عن مميزات الأسرة النووية فتكون بالخصوصية والاستقلالية، حيث تمنح الأسرة النووية أفرادها حرية اتخاذ القرارات دون تدخل خارجي يساعد ذلك في بناء شخصيات مستقلة لدى الأبناء، كما يسمح للأزواج بإدارة حياتهم بشكل أكثر توافقًا مع طموحاتهم.
المرونة في التكيف مع المتغيرات، يسهل على الأسرة النووية الانتقال أو التكيف مع بيئات جديدة، مثل التنقل إلى مدينة أخرى للعمل أو الدراسة، وهو ما يناسب إيقاع الحياة المعاصر.
تقليل الخلافات العائلية، نظرًا لغياب التدخل المستمر من الأقارب، تقل احتمالية حدوث نزاعات داخل الأسرة النووية، مما يسهم في بناء بيئة أكثر هدوءًا.
ومع ذلك، قد تعاني الأسرة النووية من تحديات مثل الشعور بالعزلة، خاصة في الأوقات الصعبة، حيث لا تتوفر دائمًا شبكة دعم اجتماعي قوية كالتي توفرها العائلة الممتدة.
وعند السؤال أي النموذجين يناسب المجتمع الحديث؟
في المجتمع الحديث، الذي يتميز بارتفاع وتيرة الحياة واعتماد الأفراد على أنفسهم، يبدو أن الأسرة النووية تتماشى بشكل أفضل مع احتياجات الناس، فهي توفر مرونة في التكيف مع متغيرات سوق العمل والدراسة، وتلبي تطلعات الأفراد للاستقلالية والخصوصية.
ومع ذلك، لا يمكن إغفال الدور المهم للعائلات الممتدة في بعض السياقات، خاصة في المجتمعات التي تعطي الأولوية للترابط العائلي، مثل المجتمعات العربية والآسيوية، هناك أيضًا اتجاه حديث يجمع بين النموذجين، حيث تحتفظ الأسرة النووية باستقلالها مع الاستفادة من دعم العائلة الممتدة عند الحاجة، من خلال الزيارات المنتظمة أو العيش في مناطق قريبة.
بالمحصلة لا يوجد نموذج مثالي يصلح لكل الظروف، حيث يعتمد اختيار النمط الأسري المناسب على طبيعة المجتمع وتطلعات الأفراد، في حين أن الأسرة النووية تتناسب مع الإيقاع السريع للمجتمع الحديث، تبقى العائلة الممتدة ذات قيمة كبيرة لما توفره من دعم وتلاحم اجتماعي، الحل الأمثل قد يكون في تحقيق توازن بين النموذجين، بحيث تحافظ الأسرة النووية على استقلاليتها، مع بقاء الروابط قوية مع العائلة الممتدة لدعم الأفراد في مختلف مراحل حياتهم.