حل موسم البطيخ في الأردن كضيف خفيف الظل ينتظره الجميع مع بداية الصيف ليملأ الأسواق بطعمه الحلو المنعش ولونه الأحمر المبهج, فالبطيخ ليس مجرد فاكهة صيفية فحسب، بل هو طقس اجتماعي وعادة مترسخة في تفاصيل الحياة اليومية خلال أشهر الحر، حيث لا تخلو منه موائد العائلات ولا مبيعات البسطات ومحلات الفاكهة المنتشرة في الشوارع والأسواق.
يبدأ موسم البطيخ عادة في أواخر الربيع ويبلغ ذروته في شهري حزيران وتموز، حيث يتزايد الطلب عليه باعتباره من أكثر الفواكه قدرة على ترطيب الجسم وتبريده، في ظل الارتفاع اللافت في درجات الحرارة.
ويتميز البطيخ الأردني بجودته العالية وحجمه الكبير ومذاقه الحلو، وذلك بفضل التربة الخصبة في مناطق الزراعة مثل وادي الأردن و المفرق والبادية الشمالية والجنوبية، حيث توفر هذه المناطق الظروف المناخية الملائمة لزراعة هذا المحصول بكميات تجارية.
ولا تقتصر أهمية موسم البطيخ على الجانب الغذائي فحسب، بل تمتد لتشمل الجانب الاقتصادي أيضًا، إذ يُعد البطيخ مصدر رزق لمئات من المزارعين والعاملين في قطاع الزراعة والنقل والبيع بالتجزئة.
ويشهد هذا الموسم نشاطًا اقتصاديًا محليًا ينعكس على الأسواق، حيث تتنوع الأسعار وفقًا للجودة والحجم ومكان البيع، وتكون في متناول معظم المواطنين، ما يجعله فاكهة شعبية بامتياز.
وفي المشهد الشعبي، لا تغيب صورة البطيخ عن الأحاديث اليومية والذكريات الجماعية، إذ ترتبط به النزهات العائلية، والجلسات المسائية، وحتى القصص الطريفة حول كيفية اختيار البطيخة، وهي مهارة لا يزال البعض يتفاخر بإتقانها رغم صعوبتها.
وتتناقل العائلات الطرق التقليدية في اختبار النضج من خلال القرع على القشرة أو ملاحظة الخطوط البيضاء والصفراء التي تدل على نضج الثمرة.
ومع تزايد الوعي الغذائي لدى المواطنين، أصبح البطيخ أيضًا خيارًا صحيًا مثاليًا لكونه غنيًا بالماء والقليل من السعرات الحرارية، فضلًا عن احتوائه على فيتامينات ومضادات الأكسدة التي تساهم في ترطيب الجسم وتعزيز المناعة, كما يستخدمه كثيرون في تحضير العصائر والمثلجات الطبيعية، ما يجعله عنصرًا متعدد الاستخدامات في المطبخ الصيفي.
رغم هذا المشهد الإيجابي، يواجه موسم البطيخ في بعض السنوات تحديات زراعية مثل تقلبات الطقس، وارتفاع كلفة الإنتاج، وغياب الدعم الكافي للمزارعين كما أن المنافسة مع المنتجات المستوردة تؤثر أحيانًا على تسويق المنتج المحلي، مما يتطلب تدخلًا من الجهات المختصة لحماية الإنتاج الوطني ودعم تسويقه داخليًا وخارجيًا.