في عالمٍ يمضي سريعًا يظلّ العمل التطوعي أحد أكثر الأفعال صدقًا وعمقًا، هو مساحة يلتقي فيها القلب بالعطاء وتتحوّل فيها النوايا الطيبة إلى أثرٍ ملموسٍ في حياة الآخرين.
والتطوع ببساطة هو أن تمنح من وقتك وجهدك للناس دون أن تنتظر شيئًا بالمقابل سوى أن ترى وجوهًا قد أضاءها الفرح.
من قلب مدينة إربد وتحديدًا في عام 2019 انطلقت مبادرة صغيرة حملت اسمًا كبيرًا: "الناس للناس"، لم يكن الفريق يومها يتجاوز سبعة شبّان بينهم شابات وشباب تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عامًا، لكن الحلم كان أكبر من العدد، قاموا بجمع البطانيات عن طريق التبرعات النقدية أو مساهمات الأهالي وبدأوا أولى خطواتهم نحو مجتمع أكثر دفئًا وتكافلًا.
هذا الفريق الصغير تحوّل لاحقًا إلى كيانٍ تطوعي نشط يُعرف اليوم باسم "إنفينيتي التطوعي"، وهو فريق يضم العشرات؛ بل المئات من المتطوعين الشباب الذين آمنوا أن العمل الجماعي والإبداعي قادر على التغيير وانتقلوا من جمع بطانيات الشتاء إلى ورشات النجاح.
عام 2020 لم يكن عاديًا على الفريق؛ فقد شهد تنفيذ ثلاث مبادرات هي: لمسة دفء والناس للناس 2 وشتاهم أدفى.
وخلال هذه الحملات وزّع الفريق أكثر من 100 قطعة ملابس شتوية ونفّذ أنشطة تدريبية وترفيهية وبدأ لأول مرة بتنظيم جلسات إسعافات أولية في مكان صغير كان بمثابة ملتقى للمبادرين.
وفي شهر رمضان من العام ذاته استطاع الفريق تجهيز أكثر من 64 طردًا غذائيًا وتوزيعها على العائلات المحتاجة، وفي نهاية العام نجحوا في إيصال أكثر من 100 بطانية إلى الأسر الفقيرة في محافظتي إربد وعجلون.
ثم توالت الحملات عامًا بعد عام ففي 2021 ازداد حجم الفريق ونُظّمت فعاليات خلال عيد الأضحى منها توزيع الأضاحي و100 طرد غذائي داخل قاعة "زوايا"، أما عام 2022 فشهد إطلاق حملة "الناس للناس 3".
وتوسّعت أنشطة الفريق لتصل إلى الأغوار الشمالية وجديتا حيث تم توزيع 287 طردًا غذائيًا وفي العام ذاته ظهرت مبادرة لافتة تحت اسم "كواليس النجاح" قُدّمت من خلالها ثلاث ورشات متخصصة لطلبة الثانوية العامة شارك فيها أكثر من 100 طالب وطالبة في خطوة لدمج العمل المجتمعي بالدعم التعليمي والنفسي.
أما العام الحالي 2025، فهو عام الإنجاز؛ حيث بلغ الفريق ذروته التنظيمية حين تجاوز عدد المتطوعين 350 شابًا وشابة.
ونُفّذت خلال حملة "الناس للناس 6" أكثر من 400 طرد غذائي تم توزيعها في مناطق مختلفة من شمال المملكة.
ومن أبرز محطات الفريق هذا العام كانت زيارته إلى منطقة "مثناة راجل" بمحافظة المفرق وهي منطقة نائية تُعرف بظروفها البيئية الصعبة، حيث يعتمد سكانها على الطاقة الشمسية ومياه الآبار وتفتقر إلى المدارس والمراكز الصحية وهناك وزّع الفريق 60 طردًا غذائيًا وحرص على إقامة إفطارات رمضانية للأطفال الأيتام كما يفعل في كل عام.
واليوم، لا يُعدّ فريق "إنفينيتي" مجرد مجموعة تطوعية بل أصبح نموذجًا للعمل المجتمعي المنظّم القائم على المبادرة والإبداع والاستمرارية، وبقيادة الشباب وعلى رأسهم مؤسس المبادرة عبد الرحمن أبو خضرة، حافظ الفريق على روح البدايات البسيطة والتطوع الصادق والنية الخالصة في خدمة الآخرين.
"إنفينيتي" ليس مجرد اسم لفريق بل قصة شبابٍ قرّروا ألّا يقفوا على الهامش وأن يكونوا جزءًا من الحل... فمضوا بخطواتٍ ثابتة نحو مجتمعٍ أكثر دفئًا وإنسانية.