في أقصى شمال لبنان وتحديدًا في منطقة الضنية، ترتفع القرنة السوداء شامخة بعلو يبلغ نحو 3090 مترًا فوق سطح البحر لتتربّع على عرش أعلى قمة في لبنان وبلاد الشام هذه الجوهرة الطبيعية التي لا يعرف عنها كثيرون، تجمع بين روعة المشهد وجاذبية التحدي الرياضي.
تتنوع تضاريس القرنة السوداء بشكل يلفت الأنظار؛ ففي الشتاء تتزيّن بوشاح أبيض من الثلوج ما يجعلها وجهة مثالية لعشاق التزلج والأجواء الباردة، بالرغم أن الثلوج لم تعد تدوم طويلًا بفعل تغيّر المناخ.
أما في الربيع والصيف، فتتحوّل إلى مرتفعات صخرية جرداء تعجّ بمسارات الهايكنغ وتسلق الجبال حيث يقصدها الرياضيون لإختبار قدراتهم البدنية وخوض مغامرات مليئة بالتحدي.
ومن قمّتها تكشف القرنة السوداء عن إطلالة بانورامية مدهشة تمتد إلى أجزاء من سوريا وفلسطين وصولًا إلى مياه البحر الأبيض المتوسط في الأيام الصافية، هذا الموقع الفريد يمنحها قيمة استراتيجية وطبيعية كما يجعلها محطة مهمّة لرصد التغيرات المناخية.
بيئيًا، تحتضن المنطقة المحيطة بالقرنة السوداء تنوّعًا نباتيًا وحياة برية مميّزة، من النباتات الجبلية النادرة إلى أنواع مختلفة من الطيور ما يزيد من قيمتها البيئية.
أما رياضيًا، فهي ميدان مفتوح لمحبّي المغامرة من رياضات التحمل والجري الجبلي إلى تسلق الصخور وحتى المدارس والفرق الكشفية تجد فيها وجهة مثالية لرحلات تجمع بين التعليم والترفيه في أحضان الطبيعة.
ورغم كل هذا الثراء الطبيعي والرياضي، ما زالت القرنة السوداء بعيدة عن الأضواء السياحية وتفتقر إلى الترويج والمرافق التي تستحقها، إنها ليست مجرّد جبل مرتفع بل مساحة طبيعية فريدة تمنح زائرها فرصة لتحدي الذات واستنشاق هواء الجبال النقي والوقوف على أعلى نقطة في بلاد الشام.