في منتصف القرن التاسع عشر، انطلقت فكرة بناء خط حديدي يربط بين البلاد الإسلامية، وتسهيل رحلة الحجاج نحو الديار المقدس، استغرق تحقيق هذا الحلم عقودًا من الزمن، حيث بدأت الجهود الفعلية في بداية القرن العشرين.
رغم التحديات والمعارضة، وصل أول قطار إلى المدينة المنورة في عام 1908، واليوم، تظل بقايا هذا الخط تروي قصة العبور والتواصل التاريخي بين البلدان والشعوب في المنطقة.
تعود فكرة أنشاء هذا الخط إلى العام 1864، عندما كانت الدولة العثمانية تعيش حالة ( الرجل المريض)، وكانت الفكرة هي ربط الدول العربية، ولم تظهر الفكرة إلى النور إلا عام 1900، وتقدم الدكتور(ازامبل) وهو مهندس أميركي باقتراح تمديد خط حديدي، يربط بين دمشق والبحر الأحمر، ولم تجد الفكرة اهتماما بسبب معارضة الوالي العثماني على لواء الكرك بالأردن، لكن الفكرة ذاتها، عادت إلى الظهور بصورة مختلفة، حين اقترح وزير الأشغال العامة في الإسكان، مد خط حديدي من دمشق إلى الأراضي المقدسة للتخفيف من أعباء سفر الحجيج إلى المدينة المنورة، وأهملت الإدارة العثمانية المشروع... ثم عاد مرة أخرى.
كانت دمشق مركز الإنطلاقه نحو الديار المقدسة، حيث يجتمع موكب الحج من كافة إنحاء العالم الإسلامي، ويحتاج الموكب إلى نحو (50) يوما للذهاب ومثلها في الإياب، هذا بالإضافة إلى أخطار قطاع الطرق، ويحتاج موكب الحج حينها إلى عشرة الآف جندي لحرس هذا الموكب، ويصل طول المركب إلى أربعة كيلومتر، والمسافة من دمشق إلى الأراضي السعودية يبلغ 1500 كيلومتر.
كما دعا المفكر الإسلامي الشيخ جمال الدين الأفغاني في نصف القرن التاسع عشر، إلى إنشاء خط حديدي يربط بين البلاد الإسلامية، ويساهم في إظهار الدولة العثمانية بمظهر قوي إمام الدول الأجنبي أمام هذه الوقائع تطلع السلطان عبد الحميد إلى ربط الحجاز وغيرها من الولايات العربية بإسطنبول، للحفاظ على هذه الدولة مترامية الأطراف، والتي دب فيها الضعف، فأصدر أوامره عام 1900م بإنشاء خط سكة حديد من دمشق إلى المدينة المنورة مرورا بالعديد من المدن العربية، على أن يمتد الخط إلى مكة، معتبرا أنه مشروع ديني خيريا، وبدأت حملة التبرعات، ونتيجة لترحيب المغفور له (الحسين بن علي) شريف مكة المكرمة - آنذاك – انهمرت التبرعات، والاستفادة من ينابيع الحمة المعدنية، ومرفأ حيفا وحتى جلود الأضاحي.... استمر العمل في إنشاء الخط حوالي سبع سنوات متواصلة، وفي الأول من أيلول عام 1908 وصل أول قطار إلى المدينة المنورة في احتفال كبير...
وكانت نقطة الإنطلاق ومسير الخط من دمشق وينتهي بالمدينة المنورة، مرورا بعمان إضافة إلى خطوط فرعية تمر في درعا، حيفا، طولكرم، عكا، يافا، وبصري الشام، ومعان ورأس النقب، وحين قامت الثورة العربية الكبرى بقيادة المغفور له الشريف الحسين بن على، للخلاص من الإحتلال العثماني، وجد لورنس العرب من ذلك فرصة سانحة لتخريب الخط الحديدي.. ولم يبقى من هذا الخط إلا محطة الركاب الموجودة بدوار المحطة في مدينة عمان، وتم منذ فترة تيسير الخط الواصل بين دمشق وعمان.