في ليلة ليست كباقي الليالي؛ والقمر شاهد أنها عجيبة وغريبة، بدأت من سطوع ضوء منعكس على بركة ماء، يشع من نافذة أحد المباني المطلة على هذه البركة، وإذ في داخل الغرفة التي ينبعث منها يوجد فيديوهات قصيرة تبدل وتغير مدتها لا تتجاوز دقيقة واحدة؛ في هاتف يحمله طفل ذو الخمس سنوات، فهل تلك الفيديوهات القصيرة تسبب خللًا أو ضررًا على عقله يا ترى؟.
تعفن الدماغ، هو مصطلح أطلقته أكسفورد عام 2024، والذي يعني فقدان الدماغ خصائص مميزة وملفتة لشخصه كالمهارات الإدراكية سواء إن كانت ذات تركيز عالي، أو الحضور وطريقة التحدث، فبسبب الجلوس المتكرر والدائم على ما لا يستوعب العقل من تفاهة، ومدى المحتوى السخيف الذي أصبح به الدماغ لا يوازن بين ما هو مهم بما لا يهم. فكل ما ذكرنا مخزونها بطارية معينة نهايتها النفاذ بشكل أو بأخر عندما نستثمرها بالمواد المضيعة للوقت بأقل النتاجات المفيدة.
فقد أجريت 327 دراسة عن التأثير السلبي التي تتركه السوشال ميديا، بما فيه هذه الفيديوهات والتي أكدت لنا أن الأضرار واضحة وبشدة.
إذ يبدأ إفراز الدوبامين عندما يبدأ المستخدم يتصفح بفتح أول فيديو وبشكل لا واع، العقل يبرمج على أنه يريد دوبامين أكثر بالتشويق الذي يتشكل بسؤال ما هو المحتوى القادم، مرة على مرة وعند تكرار هذه العملية يصبح من يتصفح أكثر عجلة عندما يرى فيديو مدته دقيقة يخرج فورًا باحثًا عن دوبامين أكثر.
فكما أثبتت هذه الدراسات أيضًا أن أكثر المتضررين أو المستخدمين هم جيل z وأصغرهم ألفا الذين يمتازون بمرونة رهيبة لخلاياهم العصبية فتقديرًا لذلك؛ هم الأكثر عرضة لتلك الأضرار
فكما يقال: الشيء إن زاد عن حده انقلب ضده، فيجب علينا كأناس ذو وعي أن نقلل قدر المستطاع من الجلوس أوقات كبيرة على هذه الفيديوهات، كالتيك توك، وأن ننشر أضرارها والتوعية منها، ويجب على الجهات العليا المسؤولة أيضًا التنبيه منها ومن نتاجاتها وأضرارها.
نحن اليوم في عصر التكنولوجيا، لكن لا يمنعنا ذلك من وضع حدود لما نواجه من تحديات، حفاظًا على عقولنا وأنفسنا قدر المستطاع، فمن منا اليوم حريص بشدة على أن يستثمر ما يضر بالتكنولوجيا بما يفيد هو بالفعل بطل هذا العصر.