في عصر يتزايد فيه القلق البيئي والصحي، تبرز الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كأحد الحلول الفعالة لمواجهة التلوث وتحسين جودة الحياة، ورغم أن العلاقة بين الطاقة المتجددة وصحة الإنسان قد تبدو غير مباشرة، فإن تأثيرها على الصحة العامة لا يمكن تجاهله.
يُعد تلوث الهواء من أخطر التحديات الصحية في العالم، حيث تُشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن الهواء الملوث يتسبب في نحو 7 ملايين وفاة سنويًا نتيجة أمراض الجهاز التنفسي والقلب، وتعتمد مصادر الطاقة التقليدية، مثل الفحم والنفط، على حرق الوقود الأحفوري، مما يؤدي إلى انبعاثات ضخمة من ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والكبريت، وهي ملوثات ترتبط مباشرة بأمراض مثل الربو، التهابات الجهاز التنفسي، وأمراض القلب والشرايين.
في المقابل، توفر الطاقة المتجددة بديلًا نظيفًا، حيث لا تنتج طاقة الشمس أو الرياح أي انبعاثات ملوثة، ما يساهم في تقليل تركيز الجسيمات الدقيقة الضارة في الهواء، وبالتالي الحد من المخاطر الصحية.
لا يقتصر أثر الطاقة المتجددة على الصحة الجسدية، بل يمتد إلى الصحة النفسية أيضًا، فالعيش في بيئة نظيفة ذات هواء نقي وسماء صافية يقلل مستويات التوتر والإكتئاب وفقًا لدراسات نفسية حديثة، كما أن التحول إلى مصادر طاقة مستدامة يعزز الشعور بالمسؤولية البيئية والإستدامة، مما ينعكس إيجابيًا على رفاهية الأفراد والمجتمعات.
وأظهرت تجارب عدة دول أن الإستثمار في الطاقة المتجددة يمكن أن يؤدي إلى تحسن ملموس في الصحة العامة على سبيل المثال، بعد زيادة إعتماد الدنمارك على طاقة الرياح، سجلت البلاد انخفاضًا ملحوظًا في معدلات الأمراض التنفسية، وفي الصين، أدى توسيع مشاريع الطاقة الشمسية إلى تحسن جودة الهواء في بعض المناطق الصناعية، مما انعكس على تقليل حالات الإصابة بالربو وأمراض الرئة.
مع تزايد الوعي البيئي وتطور تقنيات الطاقة المتجددة، يصبح التحول نحو مصادر نظيفة أمرًا ضروريًا وليس خيارًا، فإلى جانب دورها في مكافحة تغير المناخ، تساهم الطاقة المتجددة في بناء مجتمعات صحية أكثر، من خلال تقليل التلوث وتحسين جودة الحياة.
قد تكون العلاقة بين الطاقة المتجددة وصحة الإنسان غير مباشرة، لكنها حيوية وأساسية لمستقبل مستدام وأكثر صحة.