يُعد فن التصوير التلفزيوني من العناصر الجوهرية التي تقوم عليها صناعة الإعلام المرئي، حيث يساهم بشكل كبير في إيصال الرسالة إلى المشاهد بأسلوب بصري جذاب ومؤثر.
التصوير التلفزيوني ليس مجرد عملية توجيه الكاميرا نحو مشهد معين، بل هو عملية إبداعية تتطلب فهماً عميقاً للضوء والظل، التكوين، الحركة، والإحساس بالمشهد، فالمصور التلفزيوني هو فنان قبل أن يكون تقنياً، يمتلك عيناً مدربة على التقاط التفاصيل التي قد لا يلاحظها المشاهد العادي.
التصوير التلفزيوني يلعب  دوراً محورياً في بناء القصة المرئية، إذ يمكن من خلال زاوية معينة أن تُبرز مشهداً درامياً أو تُخفّف من وطأته، ويمكن للكاميرا أن تهمس أو تصرخ، أن تقترب لتكشف المشاعر أو تبتعد لتُظهر المشهد العام، وهذا التلاعب الذكي بالمشهد يخلق تجربة مشاهدة متكاملة تلامس العاطفة والعقل، كما أن التنوع في اللقطات وحركات الكاميرا يمنح العمل ديناميكية وحيوية تُبعده عن الرتابة.
ويتطلب هذا الفن تواصلاً دقيقاً بين المصور والمخرج، فكل لقطة تُخطط بعناية لتخدم الرؤية الفنية والإخراجية، إذ لا مجال للارتجال في التصوير التلفزيوني المحترف، خاصة في الأعمال الدرامية أو التغطيات الإخبارية الحساسة، حيث يكون الوقت والدقة في غاية الأهمية، المصور المحترف هو الذي يُدرك متى يتحرك ومتى يثبت الكاميرا ومتى يختار اللقطة المناسبة التي تعبر عن اللحظة.
وفي ظل التطور التكنولوجي الهائل، أصبحت أدوات التصوير أكثر تطوراً وتنوعاً، ما أتاح للمصورين فرصاً أوسع للابتكار والتجريب، فالكاميرات الحديثة تقدم إمكانيات تصوير عالية الدقة، و تسمح بالتصوير في ظروف إضاءة معقدة، مما يجعل جودة الصورة جزءاً لا يتجزأ من قوة التأثير.
إن فن التصوير التلفزيوني ليس مجرد مهنة بل هو لغة بصرية قادرة على تجاوز الحواجز الثقافية واللغوية، فهو أداة توثيق وحكاية ورؤية، ومن خلاله تُنقل القضايا، تُروى القصص، وتُبنى الجسور بين الشعوب، ولذلك فإن الاهتمام بهذا الفن وتطوير مهارات ممارسيه هو استثمار في قوة الصورة وتأثيرها في تشكيل الوعي والوجدان.