طبقة فحل، أو بيلا كما كانت تُعرف تاريخيًا، تُعد من أبرز المواقع الأثرية في الأردن، حيث تقع في شمال غرب البلاد ضمن محافظة إربد، هذه المدينة القديمة كانت جزءًا من حلف الديكابولس، وهو اتحاد للمدن الرومانية في المنطقة، وتتميز بتاريخها العريق الذي يمتد لآلاف السنين، وهي أولى مدن الحلف التي تم بناؤها.
يعود تاريخ الاستيطان في طبقة فحل إلى العصور البرونزية، حيث كانت مركزًا حضاريًا مهمًا في المنطقة، خلال الفترة الهلنستية أطلق الإسكندر المقدوني اسم بيلا على المدينة تيمنًا بمسقط رأسه في اليونان، لاحقًا أصبحت المدينة جزءًا من الإمبراطورية الرومانية وشهدت ازدهارًا كبيرًا، حيث شُيدت فيها المباني والمسارح، وكانت إحدى مدن الحلف الروماني الديكابوليس.
في العصر الإسلامي، كانت طبقة فحل موقعًا استراتيجيًا مهمًا، حيث شهدت معركة فحل بين المسلمين والبيزنطيين والتي انتهت بانتصار المسلمين، مما ساهم في توسع الفتوحات الإسلامية في المنطقة، استمرت المدينة في لعب دور مهم خلال الفترات الأموية والعباسية، لكنها تعرضت لزلزال مدمر عام 749 ميلادية، أدى إلى هجرها تدريجيًا.
تضم طبقة فحل العديد من المعالم الأثرية التي تعكس تعاقب الحضارات عليها، ومن أبرزها:
• المدرج الروماني: الذي كان يُستخدم للعروض المسرحية والمناسبات العامة.
• الكنائس البيزنطية الثلاث: التي تعود إلى الفترة المسيحية المبكرة.
• المسجد الأموي: الذي يُعد من أقدم المساجد في المنطقة.
• بقايا النافورة الضخمة: التي كانت جزءًا من نظام المياه في المدينة.
• المقابر الأثرية: التي تعكس أنماط الدفن عبر العصور المختلفة.
اليوم، تُعد طبقة فحل موقعًا أثريًا مهمًا يجذب الباحثين والسياح من مختلف أنحاء العالم، عمليات التنقيب المستمرة تكشف عن المزيد من الأسرار التاريخية، مما يعزز فهمنا للحضارات التي مرت على هذه الأرض، كما أن موقعها الجغرافي المميز المطل على وادي الأردن يمنحها أهمية خاصة حيث توفر إطلالة رائعة على الأراضي الفلسطينية المجاورة.
طبقة فحل ليست مجرد موقع أثري، بل هي شهادة حية على تعاقب الحضارات، وتاريخ غني يروي قصة الإنسان عبر العصور.