تُعَدُّ مدينة السلط من أعرق المدن الأردنية التي ارتبطت بتاريخ التجارة والحركة الاقتصادية في البلاد، حيث شكلت أسواقها القديمة قلب الحياة الاجتماعية والاقتصادية منذ مئات السنين.
ما يزال الزائر حين يتجول في أزقة السلط العتيقة يشعر بروح الماضي الممزوج بعبق الحاضر، فالحجارة الصفراء التي بُنيت بها بيوتها، والأبواب الخشبية المزخرفة، والواجهات التقليدية للأسواق، كلها تحكي قصة مدينة شكلت محطة رئيسية للقوافل التجارية التي كانت تعبر الأردن في طريقها بين فلسطين وسوريا والعراق.
وتتميز أسواق السلط بأنها ما زالت محافظة على طابعها التراثي، حيث تنتشر الدكاكين الصغيرة المتلاصقة التي تعرض شتى أنواع البضائع، ففي "سوق السكافية" يمكن للمرء أن يشاهد الحرفيين وهم يصنعون الأحذية الجلدية يدوياً، بينما يحتفظ "سوق الحدادين" بصوت المطرقة وهو يطرق الحديد لصناعة الأدوات الزراعية، أما
"سوق الذهب" فيجذب الأنظار ببريقه ويُعد من أقدم الأسواق في المنطقة، حيث تتوارث العائلات مهنة صياغة الذهب جيلاً بعد جيل.
ولا تقتصر أسواق السلط على التجارة فحسب، بل تلعب دوراً اجتماعياً وثقافياً بارزاً فهي المكان الذي يلتقي فيه الأهالي لتبادل الأخبار، وتزدهر فيه العلاقات الإنسانية، وكثيراً ما تتحول جلسات التسوق إلى لقاءات مليئة بالدفء والود، كما أصبحت هذه الأسواق اليوم وجهة سياحية يقصدها الزوار من داخل الأردن وخارجه للتعرف على التراث الأردني الأصيل، وشراء المنتجات التقليدية مثل العطارة، الأقمشة والمأكولات الشعبية.
تُسهم أسواق السلط بشكل كبير في تنشيط السياحة المحلية والدولية، إذ تُعتبر محطة أساسية في جولات الزوار الذين يقصدون المدينة المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، فالزائر لا يكتفي بالتجول بين البيوت التراثية والمقاهي الشعبية، بل يجد في الأسواق تجربة حيّة تعكس روح المدينة وقد تحولت الأسواق القديمة إلى عنصر جذب سياحي مهم، حيث يشتري السائح منتجات يدوية تحمل الطابع الأردني الأصيل، ويشارك في الفعاليات الثقافية والمعارض التي تقام بين جنباتها.