تُعد القرفة من أعرق وأشهر التوابل التي عرفها الإنسان، إذ ارتبطت بالحضارات القديمة التي استخدمتها في الطعام والدواء والطقوس الدينية وما تزال حتى اليوم تحافظ على مكانتها كواحدة من أبرز البهارات وأكثرها انتشاراً، لما تحمله من نكهة مميزة ورائحة عطرية قوية وفوائد صحية متعددة جعلت البعض يطلق عليها لقب "الذهب البني".
عرفت القرفة منذ آلاف السنين في الصين والهند ومصر القديمة، وكانت في تلك العصور سلعة ثمينة يتنافس التجار على جلبها عبر طرق التجارة القديمة، كما استُخدمت في التحنيط والعلاج والتعطير.
ومع توسع الحضارات انتقلت إلى أوروبا لتصبح جزءاً من الموروث الغذائي والثقافي، ثم انتشرت في مختلف أنحاء العالم لتحتل مكانتها الحالية في كل مطبخ تقريباً.
حضور القرفة في المطبخ متنوع وغني، فهي تدخل في تحضير الحلويات الشهيرة مثل الكيك والأرز بالحليب والتفاح المخبوز، كما تضاف إلى المشروبات الدافئة كالكاكاو والشاي والقهوة لتمنحها طعماً دافئاً ومميزاً ولا يقتصر استخدامها على الأطباق الحلوة، بل
نجدها في المطبخ الشرقي والهندي مكوناً أساسياً في الأطعمة المالحة والصلصات، حيث تضفي نكهة تجمع بين الحلاوة والحرارة وتعطي للأطباق طابعاً خاصاً.
القيمة الغذائية للقرفة تجعلها أكثر من مجرد بهار، فهي غنية بالعناصر المفيدة مثل المعادن والألياف والزيوت الطيّارة ومضادات الأكسدة، وهذه المكونات تمنحها خصائص صحية أثبتتها الدراسات الحديثة, فهي قادرة على المساهمة في تنظيم مستويات السكر في الدم وتحسين استجابة الجسم للأنسولين، كما تساعد على خفض الكوليسترول الضار وتعزيز صحة القلب والأوعية الدموية ويُعرف عن القرفة أيضاً أنها تقلل من الالتهابات وتخفف آلام المفاصل، فضلاً عن دورها في تحسين الهضم والتقليل من الانتفاخات، إضافة إلى قدرتها على تعزيز مناعة الجسم.
لم تقتصر فوائد القرفة على الغذاء والدواء فحسب، بل امتدت إلى عالم التجميل والعناية الشخصية، إذ يدخل زيت القرفة في تركيب بعض المستحضرات الخاصة بالبشرة والشعر، ويُعتقد أنه ينشّط الدورة الدموية ويمنح الجلد إشراقة طبيعية، كما تُستخدم القرفة في وصفات منزلية بسيطة كأقنعة طبيعية للعناية بالبشرة.