التنغرية (التنغري، أو التنغريزم) هو اعتقاد ديني قديم نشأ بين شعوب آسيا الوسطى، مثل: الأتراك والمغول والتتار، ويعود تاريخه إلى العصر الحديدي، اعتنقته القبائل التركية القديمة وشكل جزءً أساسيًا من حياتهم الروحية والاجتماعية، وكان "تنغري" يُعتبر إله السماء، الحاكم الأعلى للكون ومصدر النظام الكوني.
في قلب التنغريزم، يُعتقد أن "تنغري" يمتلك قوة غير محدودة ويتحكم في كل ما يحدث في الكون بجانب "تنغري"، وكانت هناك مجموعة من الأرواح والآلهة المرتبطة بالطبيعة، مثل: أرواح الأشجار والأنهار والجبال، وكانت هذه الأرواح تُعتبر حامية ومؤثرة على توازن العالم، مما يجعل الطبيعة مقدسة في هذا الدين، وكان للشامان دور مركزي كوسطاء بين العالم الروحي والبشري، حيث كانوا يؤدون طقوسًا تشمل الرقصات والترانيم واستخدام الطبول للتواصل مع الأرواح، وبحسب الأساطير البارزة للتنغري أسطورة الذئب المقدس تروي كيف قاد الذئب الشعب إلى النصر، مما جعله رمزًا للقوة والشجاعة.
كان لجينكيز خان، القائد المغولي الشهير، دور كبير في نشر التنغرية وتطبيقها، نشأ جينكيز خان في أواخر القرن الثاني عشر في قبيلة مغولية واعتبر "تنغري" إلهًا مختارًا له، مما ساعده في توحيد القبائل المغولية وتأسيس إمبراطورية المغول الواسعة، واستخدم معتقدات التنغرية في تعزيز سلطته وحكمه، حيث كان يعتبر نفسه مختارًا من قبل تنغري لتحقيق النصر والوحدة، في سياق هذه المعتقدات؛ كان يحترم الحيوانات المقدسة مثل: الذئاب، التي ارتبطت بقوة الدين والقوة الروحانية.
وفيما يتعلق بالطعام والشراب، كانت هناك محرمات غذائية في التنغرية، وكان تناول لحم الكلاب والحيوانات المقدسة مثل: الذئب والنسر يُعتبر محرمًا، حيث كانت هذه الحيوانات تُعتبر مقدسة ومحمية، وكان النظام الغذائي يعتمد بشكل رئيسي على اللحوم والمنتجات الحيوانية الأخرى، إلى جانب الحبوب والخضروات، مما يعكس نمط حياة بدوي يتماشى مع بيئتهم الطبيعية.
عاش الناس في المناطق الجبلية والسهول الواسعة، وتطلبت حياتهم التنقل بين مناطق الرعي، ومع وصول الديانات الأخرى، مثل: البوذية والإسلام إلى المنطقة، تأثرت معتقداتهم بالتنوع الديني المحيط بهم، مما أدى إلى تفاعلات دينية معقدة ودمج بعض جوانب التنغرية مع هذه الأديان، هذا التفاعل أضاف طبقات جديدة من التعقيد إلى الممارسات الروحية القديمة.
التنغرية تمثل تفاعلًا عميقًا ومعقدًا مع الطبيعة والأرواح وله تأثير كبير على تاريخ وثقافة شعوب آسيا الوسطى، ورغم تأثير الديانات الأخرى؛ كيف يمكن لهذه المعتقدات القديمة أن تظل مؤثرة في العصر الحديث؟