رغم أن الأردن يُعرف بندرته المائية، إلا أن بين جباله ووديانه تنساب مياه مخفية تُشكّل كنوزًا طبيعية وسياحية مهملة من ينابيع المياه الساخنة إلى البحيرات الصغيرة والعيون الجارية، تزخر المملكة بمواقع مائية خلابة لا تزال بعيدة عن أعين السائحين والاهتمام الإعلامي.
من أبرز هذه المواقع حمامات ماعين حيث تتدفق المياه الساخنة من أعالي الجبال، مُشَكّلة شلالات حرارية ذات خصائص علاجية وفي الشمال، تبرز عيون عجلون كوجهة طبيعية ساحرة، تحيط بها الأشجار و تنساب منها المياه العذبة لتروي الأراضي والقلوب.
ولا يمكن تجاهل بحيرة الأزرق، تلك الجوهرة الزرقاء في قلب الصحراء الشرقية، التي تجمع بين الجمال البيئي والندرة، إذ تعد موطناً للطيور المهاجرة ومصدر دهشة للزوار بسبب تناقضها مع البيئة الصحراوية المحيطة.
ورغم وجود هذه المواقع، تعاني معظمها من ضعف الترويج السياحي وقلة البنية التحتية، فالسياحة في الأردن تتركّز غالبًا على المواقع الأثرية أو الدينية، في حين تبقى هذه الثروات المائية "منسية" غالبا، مع أنها قادرة على جذب فئات جديدة من السياح الباحثين عن الهدوء، العلاج الطبيعي، أو الاستمتاع بالمغامرات البيئية.
إن تطوير سياحة المياه في الأردن لا يتطلب استثمارات ضخمة بقدر ما يتطلب رؤية جديدة تدمج الطبيعة بالاستدامة فهذه العيون
والينابيع ليست فقط مناظر خلابة، بل أيضًا فرصة لتعزيز السياحة المحلية، وتنمية المجتمعات المحيطة، والحفاظ على البيئة.
ربما حان الوقت لإعادة اكتشاف الأردن من خلال مياهه، لا من خلال جفافه، و لجعل هذه الأماكن المنسية وجهات حيوية نابضة بالحياة.