في إحدى زوايا الصف جلست لينا تحدّق من النافذة تتأمل السماء البعيدة التي بدت وكأنها تحتفظ بكل أسرار المستقبل.. لم تكن تفكر في الامتحان القادم؛ بل في شيء أبعد… كيف ستكون بعد عشر سنوات؟ هل ستنجح في تحقيق حلمها بأن تصبح مهندسة فضاء؟ وهل ستظل تحمل نفس الشغف الذي يشعر به قلبها الآن كلما قرأت عن الكواكب والمجرّات؟
كانت لينا تعرف أن الطريق ليس سهلًا، لكنها كانت تؤمن بشيء واحد: أن الحلم لا يكبر إلا إذا سقيناه كل يوم بالمعرفة والإصرار.. تذكّرت كيف بدأت قصتها مع المستقبل عندما حضرت أول ورشة تكنولوجيا في المدرسة لم تكن تعرف وقتها الكثير لكن فضولها دفعها لتسأل.. لتتعلّم.. لتخوض التجربة دون خوف من الفشل.
أحيانًا، كانت تشعر بالإحباط.. ليس لأنها لا تستطيع بل لأن الطريق طويل… وهناك من حولها من يشكك في قدرتها أو يطلب منها أن تحلم "بحدود" لكن قلبها لم يعرف الحدود وعقلها كان يطير كلما قرأ عن امرأة اخترعت شيئًا أو شاب بدأ مشروعًا وهو في مثل عمرها.
في كل مساء، كانت تمسك بدفترها وتكتب: "سأصنع مستقبلي بنفسي" ثم تسجّل هدفًا صغيرًا جديدًا لم يكن الهدف أن تفوز دائمًا؛ بل أن تجرّب.. أن تتعلّم.. أن تُضيف نقطة ضوء في طريقها مهما كانت المسافة.
المستقبل بالنسبة للينا لم يكن بعيدًا كما يتصوّر الآخرون... كان يبدأ كل يوم من جديد من فكرة خطرت لها في الطريق من كتاب قرأته.. من خطأ تعلّمت منه.. أو حتى من لحظة شك جعلتها أقوى.
ربما لا تعرف الآن كيف ستصل تمامًا لكنها تعرف جيدًا إلى أين تريد أن تذهب وهذه البداية… بداية الحكاية التي تكتبها.. كلمة بكلمة.. بحلم كبير لا يتوقّف.