تشهد الكثير من البيوت اليوم الصمت بين أفراد الأسرة الواحدة وغياب الحوار بينهم، خاصة بين الآباء وأبنائهم من فئة الشباب واليافعين، حيث يجلس الجميع تحت سقف واحد لكن دون حوارات حقيقية، والتواصل يقتصر على الأساسيات أو التعليمات، ليظهر ما يُعرف بـ"الجيل الصامت" من الشباب الذي يعيش في عزلة شعورية داخل بيته.
لا يعني هذا الصمت عدم وجود مشاكل، بل هو في حد ذاته مشكلة، فغياب الحوار الأسري يحرم الشباب من مساحة آمنة للتعبير عن أنفسهم، ويدفعهم للبحث عن بدائل خارجية، قد تكون في بعض الأحيان غير آمنة أو مضللة، مثل وسائل التواصل أو رفقة السوء.
أسباب هذه الفجوة متعددة؛ منها انشغال الأهل بالحياة اليومية وضغوط العمل، أو الاعتماد المبالغ به على التكنولوجيا، حيث ينشغل كل فرد بشاشته، وهناك أيضًا فجوة القيم والثقافة بين الأجيال والتي تجعل الكثير من الآباء يواجهون صعوبة في فهم اهتمامات أبنائهم أو تقبل آرائهم.
نتائج هذا الصمت تظهر على سلوك الشباب من خلال قلة الثقة بالنفس، الانعزال، التوتر الدائم، وربما حتى الاكتئاب بينما يؤدي الحوار المفتوح إلى بناء جسور من الثقة، ويعزز شعور الأبناء بالأمان والانتماء.
الحل لا يكون فقط بفتح النقاش، بل بالاستماع الحقيقي، والتفهّم، واحترام اختلاف وجهات النظر، والحوار لا يعني الموافقة الدائمة، بل الاعتراف بوجود الآخر، وتقدير مشاعره.
الجيل الصامت لا يريد ضجيجًا ولا محاضرات فقط يريد من يسمعه دون أحكام، ويتحدث معه لا إليه، ففي زمن ازدحمت فيه الحياة بالأصوات، يبقى الحوار العائلي الصادق هو الصوت الوحيد القادر على خلق التوازن في نفوس الشباب.