لم يكن أحد يتوقع أن تنتهي قصة المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي في إسبانيا بجملة واحدة قاسية قرأتها المحكمة بصوت جامد في 15 يوليو 2025 "سنة واحدة سجنًا بتهمة التهرب الضريبي"، الرجل الذي طالما ظهر مبتسمًا على خطوط الملعب والهادئ في المؤتمرات الصحفية أصبح الآن حديث الصحف ولكن لأسباب مختلفة تمامًا.
تعود التهمة إلى عام 2014 حين كان أنشيلوتي مدربًا لريال مدريد فريقه الأول في "الليغا" يقال إنه أخفى أكثر من مليون يورو من دخل حقوق الصور وذلك عبر شركات أجنبية... لكنه لم ينجُ من التحقيق.
أمام القاضي لم يكن المدرب يتحدث بثقة الخبير بل بدا مرتبكًا وقال بنبرة صريحة: "أنا مدرب، ولست خبير ضرائب... لم أكن أدرك تفاصيل العقود كل شيء تم عبر مستشارين".
هذه الجملة وحدها تلخص المسافة الهائلة بين عالم المال وعالم كرة القدم ورغم أن أنشيلوتي دفع المبالغ المستحقة منذ سنوات إلا أن القانون لم يتراجع؛ فصدر الحكم بسجنه ومنعه من الحصول على أي دعم حكومي في إسبانيا لمدة ثلاث سنوات إلى جانب غرامة مالية كبيرة.
جاءت ردود الفعل سريعة؛ بعضها متعاطف وبعضها الآخر لاذع، كتب أحد مشجعي ريال مدريد على حسابه في "إكس": "أنشيلوتي هو آخر شخص أتوقع رؤيته في هذه الدوامة كان دومًا مثالًا للهدوء والصدق".
في المقابل، رأى آخرون أن هذه نهاية منطقية لسلسلة من قضايا التهرب الضريبي التي طالت نجومًا ومدربين كبارًا في أوروبا.
اللافت أن أنشيلوتي لم يصدر أي بيان رسمي بعد الحكم ربما لأنه لا يزال في حالة ذهول وربما لأنه يدرك أن أي كلمة قد تُفسَّر بطريقة خاطئة.
الصحفيون الذين حضروا الجلسة وصفوا لحظة النطق بالحكم بأنها كانت صامتة خالية من الدراما لكنها ثقيلة جدًا، قال أحدهم: "رأيته يطأطئ رأسه لم يعترض ولم يطلب تفسيرًا... كأن شيئًا انكسر بداخله".
ومن يعرف هذا المدرب يدرك جيدًا أنه لا يحب الجدال ولا يجيد المناورات وهذه ربما نقطة ضعفه لكنها في الوقت ذاته ما يجعل محبّيه يثقون بأنه لم يكن ينوي الأذى.
بعيدًا عن الأرقام والضرائب فإن الحادثة تترك أثرًا نفسيًا كبيرًا في مسيرة رجل صنع أمجادًا مع ميلان وتشيلسي وبايرن ميونخ وباريس سان جيرمان وريال مدريد، رجل عاش وسط الأضواء والضغوط لكنه الآن في موقف لا يُحسد عليه موقف تفرضه حياة لا تعترف بالألقاب حين يكون القانون حاضرًا وحين تخطئ حتى لو عن غير قصد.
في النهاية، قد يخرج أنشيلوتي من هذه الأزمة كما خرج من مباريات صعبة كثيرة بهدوئه المعروف وبعينين تتفادى الكاميرات لكنه حتمًا لن يخرج كما دخل، ففي هذه المرة؛ لم يكن الخصم برشلونة ولا مانشستر سيتي... بل كان القانون نفسه.