في هذا العام يبدو أن السماء قرّرت أن تخرج عن صمتها المعتاد وتقدّم لنا عروضًا مذهلة لا تُنسى: انفجارات شمسية وكسوف كلي وأحداث كونية تجعلنا نتأمل من جديد في روعة هذا الكون الذي نعيش فيه بين ضوء الشمس وظل القمر.
تبدأ القصة من هناك من الشمس تلك التي نراها يوميًا وهي تشرق على الأرض تخفي في أعماقها طاقة هائلة حين تتشابك خطوط المجال المغناطيسي على سطحها قد تنفجر فجأة مُطلقة طاقة تكفي لتشغيل كوكب بأكمله هذا ما يُعرف بالانفجارات الشمسية.
وفي بعض الأحيان تصل آثار هذه الانفجارات إلى كوكبنا مسبّبة اضطرابات بسيطة في الاتصالات وتشويشًا في إشارات الأقمار الصناعية.
والأجمل من ذلك؟ أنها قد ترسم في السماء شفقًا قطبيًا في أماكن غير معتادة وكأن الطبيعة تتلاعب بالألوان بعيدًا عن قطبي الأرض.
ما يجعل هذا العام استثنائيًا هو أننا نعيش حاليًا في ذروة الدورة الشمسية وهي فترة تبلغ فيها الشمس أقصى درجات نشاطها كل أحد عشر عامًا تقريبًا مما يعني أننا على موعد مع مزيد من الظواهر اللافتة والمبهرة.
ولكن الحدث الأبرز الذي ينتظره العالم هو الكسوف الشمسي الكلي في أكتوبر القادم حين يقف القمر في خطٍّ مستقيم بين الأرض والشمس حاجبًا ضوءها كليًا في بعض المناطق وجزئيًا في أخرى إنها لحظة نادرة يتحوّل فيها النهار إلى ما يشبه الليل لبضع دقائق فقط ومع ذلك فإن تأثيرها عميق ومهيب.
فتخيّل أن ترى السماء تُظلم فجأة، والطيور تسكن، والهواء يبرد والنجوم تلمع في عزّ النهار وكل من حولك ينظرون للأفق بدهشة وخشوع لكن، تذكّر أن النظر مباشرة إلى الشمس أثناء الكسوف قد يُلحق ضررًا كبيرًا بالعين؛ لذا من الضروري استخدام نظارات خاصة مخصصة لهذا الغرض فهي وحدها القادرة على حمايتك من الأشعة المؤذية.
بعيدًا عن العلم والتقنية هذه الأحداث ليست مجرد ظواهر فلكية بل تذكير حقيقي بأننا جزء من كون حيّ، نابض يتحرّك ويتغيّر باستمرار، وبينما ننشغل في تفاصيل حياتنا اليومية يظل هناك شيء في السماء يحدث بهدوء ويهمس لنا بأن الجمال لا يحتاج إلى ضجيج وأن المعجزات لا تحدث دائمًا بصوتٍ عالٍ.
ربما نحن بحاجة فقط إلى أن نبطئ قليلًا وننظر إلى الأعلى لندرك كم أن هذا الكون واسع وساحر ومليء بالأسرار.
فهل ستكون مستعدًا حينما تتحدّث السماء بلغة الضوء والظل؟