فتحت العطلة الصيفية ذراعيها لنور معلنةً انتهاء عام دراسي، اتسم بالجد والعمل الدؤوب ، عام مكلل بالتفوق والإبداع ...
نور طالبة ذكية شهادتها المدرسية ومنطقها السليم و إشادة معلماتها خير دليل على ذلك .. نور تعيش في كنف عائلة مكونة من أربعة أفراد: الأب والأم ونور وأخوها راشد.
اجتمعت العائلة لتناول طعام الغداء في أول أيام العطلة ، وبعد الانتهاء جلسوا يستمتعون بشرب الشاي بالنعناع المنعش ويتحدثون في شؤون العائلة.
سألت نور : - مؤكد اننا سنسافر هذه العطلة يا أمي ؟
ردت الأم : - نعم ، فقد تباحثنا أنا و والدك في هذا الأمر، وتركنا مهمة اختيار وجهة السفر لكم يا أبنائي ...
قال راشد: -أريد أن أذهب إلى مكان جميل ..حيث البحر والجبل والمناخ المعتدل.
هتفت نور وقد لمعت عيناها : - فلسطين ..لماذا لا نزورها وقد زرنا أغلب الدول المجاورة .. أريد أن نذهب إلى القدس ونصلي في المسجد الأقصى ونجوب الحواري القديمة من حوله.
طأطأت الأم رأسها في محاولة لإخفاء حزنها ... فهم الأب ما جال في نفس الأم ثم قال محاولًا إنقاذ الموقف:
دعوني أجيب عن تساؤلاتكم وأوضح لكم لماذا لا نزور فلسطين رغم شوقنا المضني لمعانقة ترابها الأصيل.
وواصل يقول: - كما تعلمون يا أبنائي أن فلسطين عربية ومحتلة من قبل العدو الصهيوني الغاشم، لذلك فجميع مرافق دولة فلسطين بما فيها المنافذ الحدودية خاضعة لسيطرة العدو ..ولأننا ضد التطبيع مع العدو الصهيوني فإننا نؤجل زيارتنا لفلسطين الحبيبة إلى أن تتحرر بعون الله وقدرته.
قفزت نور متسائلة : وماذا يعني التطبيع يا أبتي ؟
الأب : أشكرك يا نور على سؤالك هذا ..فيجب أن يفهم الجميع معنى التطبيع ولماذا لا يرضاه كل عربي حر ، التطبيع يا حبيبتي يعني "جعل العلاقات طبيعية "، والمقصود هنا بيننا وبين إسرائيل وكأننا نغض الطرف عن جميع انتهاكات العدو الصهيوني ونسلم أن لها الحق في الأرض والتاريخ الفلسطيني العربي.
سألت نور: - وهل تقوم عائلة صديقتي رغد بالتطبيع عندما يذهبون الى فلسطين لزيارة ابنتهم المتزوجة هناك؟
الأب :لا ، فهم ملزمون بزيارة ابنتهم ..ستجدين يا نور الكثير ممن يعيشون هنا وأهلهم وذويهم هناك أو كحال أخت صديقتك رغد فهي متزوجة هناك.
وأضاف: - ويوجد لدينا طلاب علم فلسطينيين في جامعاتنا، يجيؤون ويذهبون ..اذاً هناك من يذهب لفلسطين لهدف ما، غير السياحة والترفيه ولا يعتبر مطبّعًا.
نور : - نعم، فهمت الآن .. فالتطبيع هو الاستسلام والقبول بالذل والتنازل عن الكرامة والحقوق ..وهذا لا يشمل من يذهب لهدف إنساني واضح.
الأب :أحسنتِ يا نور ..هو كذلك .. لذا فإننا نؤجل زيارتنا لفلسطين إلى أن تتحرر بمشيئته تعالى ..عسى أن يكون النصر قريب بهمة جيل واعٍ كجيلكم يا أبنائي.
الأم : إلى أن يحين اللقاء ..يجب علينا نشر الوعي المجتمعي بما لنا وما علينا تجاه فلسطين الحبيبة وأبنائها.
راشد: - أنا عن نفسي سأخبر أصحابي بما تعلمته اليوم منكم ..وسندعوا الله كثيرًا أن يفرّج هم أمتنا العربية في القريب العاجل.
نور: - كلّي فخر أنني جزء من عائلة واعية عالمة بشؤون أمتها .. و كلّي يقين أن النصر آتٍ لا محالة .