بينما تعاني دول عديدة حول العالم من تفاقم أزمة المخدرات وانتشارها بين الشباب برزت آيسلندا كقصة نجاح حقيقية قد تبدو غير متوقعة نظرًا لصغر حجمها لكنها أثبتت أن التغيير ممكن -بل وفعّال- إذا بُني على أسس صحيحة.
اللافت في التجربة الأيسلندية أنها لم تعتمد على العقاب الصارم فقط بل اختارت طريقًا مختلفًا منذ أواخر التسعينيات: الوقاية أولًا والتوعية المستمرة وإشراك المجتمع بأكمله (الحكومة والمدارس والأسر، وحتى المراهقون أنفسهم) الجميع كان جزءًا من الحل.
تم التركيز على خلق بدائل صحية وواقعية للشباب؛ مثل دعم الأنشطة الرياضية وتوسيع أوقات الترفيه المنظّم وتوفير بيئة تُشعر المراهق بالانتماء فبدل أن تُعاقب آيسلندا الشاب الذي يتعاطى كانت تسأله: "لماذا لجأت إلى هذا الطريق؟ وماذا يمكن أن نقدّم لك بديلًا؟"
وبالفعل فقد جاءت النتائج مبهرة.
ففي غضون سنوات قليلة تراجعت معدلات تعاطي الكحول والمخدرات بين المراهقين بشكل ملحوظ وتحولت التجربة الأيسلندية إلى نموذج عالمي يُدرّس في المؤتمرات ويُناقَش في السياسات العامة.
نجحت آيسلندا حيث فشلت دول كثيرة لأنها لم تكتفِ بالعقوبات ولا بالمظاهر بل استثمرت في الإنسان وخصوصًا في فئة الشباب. لقد رأت فيهم المستقبل لا الخطر.
هذه التجربة تفتح بابًا مهمًا للتساؤل: كم من الدول يمكنها أن تتعلّم من هذا النهج وتُعدّل استراتيجياتها لتتناسب مع واقعها؟
الجواب ليس بسيطًا لكنه بالتأكيد يبدأ من الاعتراف بأن الحلول الحقيقية تبدأ من الداخل... من المدرسة.. من المنزل.. ومن الحوار الصادق مع الجيل القادم.