للخط العربي جماليات لا تخطؤها العين، نراها في جميع الآثار الإسلامية المعمارية والمشغولات الفني والمخطوطات.
ويرجع جمال الخط العربي الى أمور عدة أهمها ما يجذب العين من أشكال الحروف نفسها وطبيعتها في الليونة وإنسيابها وترابطها لتشكيل الكلمات... وربما كان لطبيعة الحروف المنفصلة أيضا جمالها مثل الواو والألف واللام..
كما تتكون من الحروف مجموعات تختلف عن بعضها البعض عامة بحيث تتشابه حروف كل مجموعة معا.. كما أن كل حرف يتخذ شكلا مختلفا حسب وضعه فى الكلمة إن كان فى أولها أو وسطها أو آخرها.
وقد اكتشف الباحثون ان أشكال الخط العربي فى حركة دائمة على الرغم مم تبدو في حالة سكون وجمود ظاهري، لذلك تضمنت حياة كاملة للخط العربي مما هيأ له التشكيل الجميل أن يتطور عبرالعصور.
نشأ الخط العربي وتطور فى رحاب القرآن الكريم، إذ أنه كتب عند نزوله بالخط العربي، ثم طبع في خلافة ابي بكر الصديق ونسخت مصاحف عثمان بالخط العربي... ثم ظلت المصاحف كلها والادعية تكتب بالخط العربي دون غيره من الخطوط.. كما نزلت بدايات بعض السور الكريمة حروفا مثل :"أ.ل.ر.م.راء.كاف.عين.صاد" وهكذا ارتبط الخط العربي وحروفه بروح دينية منذ البداية.
وظلت هذه الروح تزداد مع الزمن، وهكذا امتزج الشكل الجميل بالعاطفة الظاهرة وامتزج الدين بالفن في الخط،
وضلت المصاحف تكتب بالخط الكوفي في القرون الخمسة الأولى من الهجرة ثم بدأ الخط النسخ، ينافس ويتغلب على الكوفي في كتابة المصاحف، وظهر الخط المحقق وهو نوع من الخط الثلث.
كما اسهم الخط العربي فى تجميل العمارة وكان يتشكل على اسطحها وفقا لطبيعة الخامة المستخدمة ووظيفتها، وكانت مثل هذه التحف المعمارية تشبه الإحساس بالقطعة الموسيقية المتكاملة بين الشكل الخارجي وشكل الحروف، وصارت العمارة الاسلامية حقلا لدراسة الخط واساليبه داخل وخارج المنبر وان كان مكتوبا مطليا او بالقيشاني او بالحفر على الجدران.
ومن اكثر المعماريات التي تحتوي على خط فضلا عن مضمونها الديني هي"قبة الصخرة" بالقدس وهي مكتوبة حول القبة كلها بالخط الكوفي البسيط.. كذلك قبة الخليفة الحافظ منذ القرن السادس الهجري بالجامع الازهر والكتابة الكوفية المكتوبة حول العقود في نفس الجامع ط، وتشترك اشتراكا فعليا في التصميم الخاص بالبناء والاحساس بالصعود إلى أعلى والسمو والروحانية.
كذلك نرى الكتابة على أعمدة قصر الحمراء في غرناطة يحمل شعار "ولاغالب الا الله" بالخط الاندلسي الجميل.. وكذلك الكتابة على ضريح "فاض زاده" بسمرقند، والقباب فيه ذات الرقبة المكتوب حولها بالكوفي، وقد أدى الخط دوره فى تجميلها وجذب العين والروح اليها.
كذلك كما كان ان الخط فضل الزخرفة والتناسب بين النقط والحروف كان له أيضا قيمة ودوار في المشغولات الفنية بزخرفها النباتية والهندسية، واقتصر به احيانا على زخرفة التحفة متوافقا مع الشكل الخارجي وانحناءاته والملمس، فساعد الخط وتعاون مع المهارة الصناعية وادى الى إخراج تحف فنية إسلامية فى غاية التكامل الجمالي وتميزت الأواني بكافة أنواعها بأن الشريط الكتابي عليها يدورحولها بما يتناسب مع دورانها ومحيطها الدائري مما يحقق توازنا من الإتجاه الصاعد والحركة الدائرية.
وهناك نماذج للكتابة على "الجرار" الفخارية من العصر المملوكي تتناسب الكتابة فيها مع شكل الجرة وخشونة الملمس.. وظهرت الكتابة الزخرفية على شبابيك الفيلات من العصر الفاطمي، وعلى النسيج أيضا، كان للكتابة دور فى تجميله بالخط الثلث.
كما ظهرت الكتابات على المباخر.. وكذلك احتلت الكتابة دورها ومكانها حول زجاج المشكاوات والكتابة عليها بالمينا وكانت الكتابة تتناسب ووظيفة المشغولة الفنية ففي المشكاوات كانت تكتب حولها عادة "الله نور السموات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح، المصباح في زجاجة، الزجاجة كأنها كوكب دري" صدق الله العظيم.
وفي اواني الزجاج ذات الفوهات الطويلة ظهرت الكتابة حول الفوهات طوليا أو اسفلها حول بطن الآنية مما يعطي للتصميم قيمتة كبيرة.