تبعد قلعة طرابلس التاريخية 90 كيلومترًا شمال العاصمة بيروت، وهي واحدة من أبرز المعالم الأثرية في لبنان. تُعرف القلعة أيضًا باسم "قلعة سان جيل"، نسبةً إلى الكونت الصليبي ريمون دي سان جيل، وتتمتع بموقع استراتيجي على رأس رابية تشرف على مدينة طرابلس وتطل على نهر قاديشا.
بناء القلعة بين الصليبيين وبدر بن عمار
تشير بعض الروايات إلى أن الأمير بدر بن عمار، الذي ينتمي للطائفة العلوية الإسلامية، هو من بنى القلعة. يُعرف بدر بن عمار بشجاعته وكرمه، وقاتل طويلًا ضد الصليبيين، مما يجعله شخصية محورية في تاريخ القلعة. في المقابل، يعتقد آخرون أن الصليبيين هم من قاموا بتشييد القلعة، مما يضفي على تاريخها غموضًا ويزيد من جاذبيتها.
الهيكل المعماري: إبداع يتحدى الزمن
تنقسم قلعة طرابلس إلى قسمين رئيسيين: القسم الداخلي والقسم الخارجي. يحتوي القسم الداخلي على متاحف تعرض آثارًا قيمة تسرد تاريخ المنطقة العريق. أما الجزء الخارجي فيتألف من خندق محفور في الصخر عند الطرف الغربي وسلسلة من الأبراج والحجب تتكون من 25 برجًا وحاجبًا، مما يعكس البراعة المعمارية في تصميمها وقدرتها على الصمود أمام التحديات على مر العصور.
تاريخ عريق وحجارة تروي قصصًا..
يعود تاريخ القلعة إلى فترة الصحابي سفيان بن مجيب الأزدي الذي أسس أول حصن عربي في الموقع خلال عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان، حوالي سنة 25 للهجرة. هذا الحصن العربي الأول يضيف بعدًا آخر إلى تاريخ القلعة الغني.
تتميز حجارة القلعة بكونها رملية وناعمة، ولكل حجر منها قصة تثير فضول الزوار لمعرفة المزيد عن تاريخ القلعة وأسرارها.
وجهة سياحية مميزة..
تُعد قلعة طرابلس من أهم المواقع الأثرية الجاذبة للسياح في طرابلس، حيث تمكنت من الحفاظ على صمودها، ما يدل على براعة معمارييها وقدرتها على مواجهة التحديات عبر الزمن.
تظل قلعة طرابلس رمزًا للتاريخ والتراث اللبناني، وشاهدًا حيًا على الحضارات المتعاقبة التي مرت على هذه الأرض، وتجذب القلعة الزوار والسياح من جميع أنحاء العالم، لتروي لهم قصصًا من تاريخ طويل ومعقد ومثير.