على مدار الخمسين عامًا الماضية شهدت الحياة البدوية في الأردن تغييرات ملحوظة في أنماط التنقّل مما يعكس تحوّلات أعمق في الهياكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمعات البدوية في السابق؛ كانت الإبل تمثّل رمزًا حقيقيًا للحياة في الصحراء ووسيلة النقل الرئيسية التي كانت تربط البدو بمواسم الرعي ومصادر المياه والأسواق القريبة أما حاليًا، فقد أصبحت السيارات رباعية الدفع والحافلات الصغيرة وحتى الدراجات النارية جزءًا معتادًا من الحياة البدوية.
لم يكن هذا التحوّل ناتجًا عن التطوّر التقني فحسب بل كان مرتبطًا أيضًا بتغييرات في أنماط المعيشة والتعليم وسوق العمل مع توسّع شبكة الطرق وزيادة فرص التعليم في المدن وانتقال بعض البدو إلى وظائف حكومية أو أعمال تجارية برزت الحاجة إلى وسائل نقل أسرع وأكثر مرونة كأمر ضروري.
ساهمت السياسات الحكومية في تطوير البنية التحتية في المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية مما سهّل من تملّك المركبات وقلّل من الاعتماد على وسائل النقل التقليدية ورغم ذلك لا تزال الجِمال تُستخدم في الفعاليات الثقافية وسباقات الهجن والأنشطة السياحية حيث تعكس رمزًا متأصّلًا في الذاكرة الجماعية.
يعتقد بعض المتابعين أن هذا التغيير لم يؤثّر فقط على وسائل النقل بل أثّر أيضًا على العلاقات الاجتماعية فقد أصبح التنقّل أكثر فردية وسرعة وأقل اعتمادًا على التعاون التقليدي بدلًا من القوافل
الجماعية الطويلة ومع ذلك تظلّ القيم الأصيلة التي شكّلت الروح البدوية مثل الكرم والضيافة والتكافل موجودة رغم تغيّر الوسائل.
يمثّل الانتقال من الجِمال إلى المركبات في المجتمع البدوي الأردني حكاية عن التكيّف والبقاء حيث استطاع هذا المجتمع الحفاظ على هويّته في ظلّ التغيّرات العالمية من حوله.