مع التقدم السريع الذي يشهده العالم في تقنيات الذكاء الإصطناعي، بات واضحًا أن هذه التكنولوجيا لم تعد حكرًا على المختبرات أو شركات التكنولوجيا الكبرى، بل أصبحت حاضرة في تفاصيل حياتنا اليومية، من تطبيقات الهاتف المحمول إلى المصانع والمستشفيات، لكن هذا التطور السريع يثير تساؤلات مشروعة: هل يمثل الذكاء الإصطناعي تهديدًا لسوق العمل أم أنه نافذة جديدة نحو مستقبل مهني أكثر تنوعًا؟
الواقع أن الذكاء الإصطناعي بدأ فعليًا يحل محل الإنسان في العديد من الوظائف التقليدية لا سيما تلك التي تعتمد على الروتين أو الدقة العالية في
التنفيذ، مثل مراكز خدمة العملاء وتحليل البيانات وحتى بعض مجالات الترجمة والكتابة، وهذا التحول يثير القلق في أوساط الشباب الباحثين عن فرص عمل خاصة في البلدان التي تعاني أصلًا من معدلات بطالة مرتفعة كالأردن.
ومع ذلك، فإن الذكاء الإصطناعي لا يلغي الوظائف بقدر ما يعيد تشكيلها، فظهور هذه التقنيات خلق تخصصات جديدة تتطلب مهارات مختلفة كتصميم الأنظمة الذكية وتدريب الخوارزميات وتحليل البيانات الضخمة والعمل في مجال الأمن السيبراني، بل إن بعض الشركات الأردنية الناشئة بدأت فعليًا بتطوير حلول ذكية محلية في مجالات حيوية مثل التعليم والصحة، معتمدة على كفاءات شبابية قادرة على مواكبة هذا التغيير.
إن الذكاء الإصطناعيAI ليس مجرد تحدٍّ بل فرصة لإعادة بناء سوق العمل على أسس جديدة، تعتمد على الإبتكار والتعليم المستمر فالعالم الرقمي لا يعترف بالمؤهلات التقليدية وحدها، بل يتطلب مهارات جديدة مثل التفكير النقدي والتواصل التقني والقدرة على التعلم الذاتي والتكيف.
المطلوب إذًا ليس الخوف من الذكاء الإصطناعي، بل الاستعداد له وذلك من خلال إصلاح منظومات التعليم وتوجيه الشباب نحو التخصصات المستقبلية وتعزيز قدراتهم التقنية، فالمنافسة في هذا العصر ليست بين الإنسان والآلة بل بين من يتقن لغة العصر ومن يكتفي بالماضي.
فالذكاء الإصطناعي ليس خصمًا بل أداة قوية بيد من يعرف كيف يستخدمها والخيار بين أن نكون ضحايا للتكنولوجيا أو روادًا فيها.