لم يعد التغير المناخي مجرد قضية بيئية بعيدة بل أصبح واقعًا ملموسًا يفرض نفسه على حياتنا اليومية، من إرتفاع درجات الحرارة وتقلبات الطقس إلى تراجع الموارد الطبيعية، والأردن شأنه شأن باقي دول العالم يواجه آثار هذا التغير بشكل متزايد مما ينعكس سلبًا على البيئة والإقتصاد والصحة العامة ويستدعي تحركًا جادًا لمواجهة التحديات القادمة.
وتظهر أول هذه التأثيرات في المياه، حيث يعاني الأردن أصلًا من ندرة الموارد المائية، وجاء التغير المناخي ليزيد الأزمة فالتقلبات الجوية وعدم انتظام الأمطار يؤديان إلى تراجع مخزون السدود والمياه الجوفية، ما يهدد الأمن المائي للبلاد ويؤثر على الزراعة أحد أهم قطاعات الإقتصاد الوطني.
أما الزراعة، فقد أصبحت أكثر عرضة للخطر بسبب إرتفاع درجات الحرارة وزيادة فترات الجفاف فالمحاصيل التي كانت تنمو بسهولة سابقًا أصبحت تحتاج إلى تكاليف أكبر للري والحماية، ما يعني إرتفاع أسعار الغذاء وتراجع الأمن الغذائي.
من جانب آخر، يؤثر التغير المناخي على الصحة العامة فموجات الحر الطويلة تزيد من حالات الإجهاد الحراري وأمراض القلب، كما أن تغير أنماط الطقس يرفع من احتمالية انتشار أمراض جديدة نتيجة تكاثر الحشرات والجراثيم في ظروف مناخية غير معتادة.
حتى حياتنا اليومية في المدن لم تعد كما كانت؛ إذ نشهد زيادة في استهلاك الكهرباء للتبريد صيفًا والتدفئة شتاءً ما يرفع كلفة المعيشة ويزيد الضغط على مصادر الطاقة.
ولمواجهة هذه التحديات تتطلب منا خطوات عملية، تبدأ بترشيد استهلاك المياه والطاقة، وزيادة الإعتماد على الطاقة المتجددة مثل الشمسية، بالإضافة إلى المشاركة في حملات التشجير وحماية المساحات الخضراء كما يجب تعزيز الوعي البيئي في المدارس والمجتمع، لأن التغير المناخي ليس مسؤولية الحكومات وحدها بل مسؤولية كل فرد.
إن التغير المناخي حقيقة لا يمكن تجاهلها، وتأثيره المباشر على حياتنا اليومية يجعل من الضروري أن نتبنى حلولًا مستدامة اليوم قبل الغد حتى نضمن مستقبلًا أكثر أمانًا لأبنائنا وأرضنا.