في الأردن، حيث تتقاطع الحضارات وتلتقي الجغرافيا بالتاريخ، تتشكل الثقافة الأردنية كفسيفساء نابضة بالحياة، إنها ليست مجرد إرث يتكئ على الماضي، بل هوية حيّة تتجدد مع كل جيل، وتنمو بين الصحراء والجبال، وبين البداوة والحضر، في مزيج يعبّر عن روح وطن استطاع أن يوازن بين جذوره العميقة وتطلعاته الحديثة.
تُعد الثقافة في الأردن مرآة حقيقية لهوية المجتمع، بما تحمله من عادات وتقاليد وفنون ومعارف تعبّر عن تاريخ غني بالتحولات والتجارب، وبين أحياء المدن وساحات القرى، تتجلى الملامح الثقافية في تفاصيل الحياة اليومية، في اللباس والطعام، في القصيدة والأغنية، وفي الحكاية الشعبية التي تنتقل من جيل إلى جيل.
وتلعب العائلة دورًا محوريًا في حفظ الموروث، بينما تتولى المؤسسات الرسمية والثقافية مهمة نشر الوعي وتعزيز الإبداع، ولا يقتصر الحراك الثقافي على الجانب التراثي، بل يشمل مشهدًا معاصرًا زاخرًا بالفعاليات، مثل مهرجان جرش للثقافة والفنون، ومعرض عمّان الدولي للكتاب، وأيام الفيلم الأردني، إضافة إلى نشاطات المسارح والمراكز الشبابية ودور النشر التي تضفي حيوية دائمة على الفضاء الثقافي الوطني.
وفي ظل التحولات الرقمية، إتجه الأردن نحو تمكين الثقافة التكنولوجية وتشجيع الإبتكار في مجالات مثل الرسم الرقمي، وصناعة المحتوى، وصوت الشباب على المنصات الإجتماعية، مما منح المشهد الثقافي بُعدًا جديدًا، وربط الأجيال الجديدة بثقافتها بأدوات معاصرة.
ورغم التحديات التي تواجه القطاع الثقافي، مثل محدودية التمويل وضعف التسويق، تبقى الثقافة الأردنية حيّة ومتجددة، بفضل كتّابها وموسيقييها وفنانيها، الذين يحولون الكلمة واللحن واللون إلى رسائل إنسانية ووطنية تتخطى حدود الجغرافيا، وتؤكد أن الثقافة الأردنية ليست فقط مرآة للماضي، بل بوابة للمستقبل.