مع انتشار التوسّع العمراني، غابت الأشجار شيئًا فشيئًا عن مشهد المدن، واستبدلت بالبنايات المرتفعة والإسفلت، وأصبحت العديد من المدن رغم تطورها تفتقر إلى الأسطح الخضراء التي يشكل وجودها أساس التوازن البيئي و يسهم في تنقية الهواء والحد من التلوث.
تلعب الأشجار دورًا حيويًا في تحسين جودة الهواء، إذ تمتص ثاني أكسيد الكربون وتُطلق الأكسجين، و تعمل كفلاتر طبيعية تلتقط الغبار والملوثات لكن ما لا يدركه كثيرون هو أثرها النفسي أيضا، إذ تشير الدراسات الحديثة إلى أن قضاء وقت قصير في مناطق خضراء يُخفف من التوتر، ويُقلل من مستويات الكورتيزول، ويُحسن التركيز والمزاج العام.
في المدن التي تفتقر إلى الأشجار، يعاني السكان من ارتفاع درجات الحرارة، خاصة في ما يُعرف بـ"ظاهرة الجزر الحرارية"، حيث تحتفظ المباني والطرق بالحرارة، مما يزيد من استهلاك الطاقة ويُضاعف مخاطر الأمراض المرتبطة بالحر الشديد إلى جانب ذلك، تقل جودة الحياة النفسية، وتزيد معدلات الاكتئاب والقلق، خصوصًا بين الأطفال وكبار السن.
غياب الأشجار أيضًا يؤثر على التنوع البيئي، ويُفقر المدينة من طيورها وفراشاتها وكائناتها الصغيرة، ما يُفقد الإنسان جزءًا من تواصله الفطري مع الطبيعة.
الحل لا يكمن فقط في زرع الأشجار، بل في التخطيط الحضري الواعي، الذي يدمج المساحات الخضراء كجزء أساسي من حياة
المدينة، لا مجرد زينة لأن مستقبلًا صحيًا لا يُبنى بالإسمنت وحده، بل بالأغصان والظلال التي تحمي الإنسان من ضجيج العالم.