تنمو في جبال عجلون وسهول الكرك ووهاد المفرق نباتات برية نادرة، تحمل أوراقها وأزهارها أسرارًا طبية اكتشفها الأجداد منذ زمن بعيد.
أصبحت العديد من هذه النباتات اليوم مهددة بالانقراض بسبب الإهمال، والجمع العشوائي، والتغيرات المناخية، وبالتالي هي كنوز طبيعية تتلاشى تدريجيًا من أرض الأردن.
يُقدَّر أن عدد الأنواع النباتية في الأردن يتجاوز 2500 نوع، ويُعتبر بعض هذه الأنواع فريدًا، ولا يوجد إلا في هذه المنطقة الصغيرة من العالم، وحسب تقارير وزارة البيئة وخبراء البيئة، يُعتبر حوالي 100 نوع من هذه الأنواع مهددًا بالانقراض، ومن أبرزها الشيح الأردني، القبار، الزعتر البري، الحور البري، السوسن الأسود، والخزامى الشرقية.
السبب وراء ذلك هو الجمع المفرط لهذه النباتات لغرض العلاج أو التجارة، بالإضافة إلى الرعي الزائد، وتوسع البناء على حساب البيئات الطبيعية، فضلاً عن حرائق الغابات وانخفاض الوعي العام بأهمية هذه النباتات.
تشير دراسات وأبحاث في مجال النباتات الطبية، إلى أن بعض هذه النباتات تحتوي على مركبات نشطة تُستخدم في صناعات دوائية هامة، وقد كنا نصدرها بشكل خام إلى بعض دول أوروبا، ولكننا الآن نفقدها دون أن نستفيد منها.
مثلا الزعتر البري يُجمع بكميات كبيرة من قبل المهتمين بالأعشاب، وغالبًا ما يتم ذلك بشكل يضر الجذور، مما يمنع النبات من التجدد، هذا السلوك غير مستدام، وعواقبه وخيمة.
على الرغم من الأهمية الكبيرة لهذه النباتات، إلا أن السياسات المحلية لا تزال غير كافية لحمايتها بشكل فعال، فعدد المحميات الطبيعية محدود، والرقابة على عمليات الجمع ضعيفة، كما تفتقر الحملات التوعوية إلى الكفاءة اللازمة لتوجيه المزارعين والرعاة والمواطنين نحو أساليب الحصاد المستدام والزراعة البديلة.
يرى مختصون في البيئة أن الأردن بحاجة إلى تشريعات صارمة تُجرّم الجمع العشوائي، بالإضافة إلى برامج وطنية لزيادة أعداد الأنواع المهددة، وتدريب المجتمعات المحلية على الحفاظ على إرثهم البيئي.
بفقدان كل نوع من النباتات، يتعرض الأردن لخسارة ليست فقط في تنوعه البيئي، بل أيضًا في فرص علمية واقتصادية وصحية، فالكثير من هذه النباتات لم تُبْحَث بدرجة كافية، وقد تحمل في طياتها علاجات لأمراض العصر الحديث.
إن حماية النباتات البرية في الأردن ليست مجرد مسألة بيئية، بل أصبحت أمرًا حتميًا وطنيًا.