تشكل المرأة الريفية عماداً أساسياً في منظومة التنمية المستدامة فهي محور رئيسي في الحياة الاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمعات الزراعية.
المرأة الريفية لا ينحصر دورها بإدارة شؤون الأسرة اليومية، بل تسهم بجهد ملحوظ في الزراعة، تربية الماشية، الصناعات الغذائية المنزلية، والحفاظ على الموروث الثقافي.
في الحقول، نجد المرأة الريفية إلى جانب الرجل، تشارك في زراعة الأرض، جني المحاصيل، وفرز المنتجات وهي أيضاً المسؤولة عن إنتاج المأكولات التقليدية مثل الأجبان، الألبان، المربيات، والخبز البلدي، لتكون بذلك حلقة وصل بين الإنتاج الزراعي والاستهلاك الأسري كما أنها تمثل خزّاناً للموروث الشعبي من عادات وتقاليد وأغانٍ وأمثال، ما يجعلها حافظة للهوية الثقافية للمجتمع الريفي.
اقتصادياً، تُسهم المرأة الريفية في دعم دخل الأسرة بطرق مباشرة وغير مباشرة، فالكثير من المنتجات التي تُحضّرها يدوياً تجد طريقها إلى الأسواق المحلية، الأمر الذي يعزز من الاقتصاد الأسري ويفتح آفاقاً لمشاريع صغيرة تُدار من المنزل ورغم هذا الدور الكبير، إلا أنها لا تزال تعاني من تحديات مثل ضعف الدعم المؤسسي، محدودية الوصول إلى التمويل، ونقص التدريب على التقنيات الزراعية الحديثة.
أما اجتماعياً، فهي العمود الفقري للأسرة، حيث تتحمل مسؤوليات التربية ورعاية الأطفال، والاهتمام بكبار السن، إلى جانب دورها في نقل القيم الاجتماعية الأصيلة للأجيال الجديدة و هذه الأعباء المزدوجة تجعلها رمزاً للصبر والعطاء.
في السنوات الأخيرة، بدأت بعض المبادرات الرسمية والأهلية تُوجّه الاهتمام نحو المرأة الريفية، من خلال توفير برامج تدريبية وتمويلية تسعى إلى تمكينها اقتصادياً واجتماعياً غير أن الحاجة ما زالت قائمة لزيادة هذا الدعم وتعزيز مشاركتها في الحياة العامة.
إن تمكين المرأة الريفية ليس مجرد مطلب اجتماعي، بل هو استثمار حقيقي في التنمية المستدامة، فبجهودها يمكن أن تزدهر الزراعة المحلية، ويقوى الاقتصاد الأسري، وتحيا الثقافة الشعبية فهي بحق العماد الصامت للتنمية الذي يستحق أن يُسمع صوته ويُقدَّر جهده.